مكان من بلدنا  حكاية وأثر ( قصر الامير طاز)

يقع قصر الامير “طاز” بالقاهرة القديمة بمنطقه الخليفه علي بعد امتار من القلعه بشارع” السيوفيه” المتفرع من شارع ” الصليبة” وقد انشئ عام 1352م .، حينما قرر الامير ” سيف الدين طاز بن قطغاج ” وهو اخد امراء السلطان ” الناصر محمد بن قلاوون ” وساقيه وزوج ابنته في عصر دوله المماليك البحريه بناء القصر إحتفالاً بزفافه علي “خوند زهرة” إبنه السلطان ” الناصر محمد بن قلاوون” وقد استمر بنائه 3 سنوات وبضع اشهر واشرف علي بنائه الامير ” منجك ” وتبلغ مساحته 8 آلاف متر ..

والامير ” طاز” بدأ يظهر اسمه خلال حكم ” عماد الدين اسماعيل” ابن ” الناصر محمد بن قلاوون ” الي ان اصبح في عهد اخيه ” الصالح زين الدين حاجي” احد الامراء الذين كان في يدهم الحل والعقد في الدوله.، ففي عام 1347 تُوج “حسن بن الناصر ” سلطاناً وكان صبباً عمره 12 عاماً وحينما بدأ في طرد الموظفين خاف ” طاز ” علي منصبه فقام بخلعه وتنصيب اخاه الاصغر الملك ” الصالح ” علي العرش وجعله دوادار دولته وكان ” حسن ” يحظي بدعم الامير ” شيخو” القوي والذي كان ينتظر الفرصه للوصول للحكم وبعد 3 سنوات وضع “شيخو” السلطان الصغير في الحريم اعاد تنصيب “حسن ” سلطاناً وعندما قرر الامير “طاز” العودة للقاهرة لقتال الامير “شيخو” والسلطان الصغير وجدهم يفوقونه في العدد ففر هاربا للاختباء في منزل شقيقته وبعد ايام قام بتسليم نفسه للسلطان “حسن ” …. خرج الامير “طاز ” من القاهرة وتولي نيابه حلب ، وهناك كون جيش ضخم وما لبث ان ثار عليه امراء حلب حتي هُزم وعُزل عن نيابة حلب وأُمر بالعودة الي القاهرة وتم القبض عليه ،، كحل عينيه لإبعاده عن الحياة السياسية للأبد ، واعتقل بالكرك ثم نُقل للاسكتدريه فسُجن بها حتي افرج عنه بعد مقتل “الناصر حسن” فعاد الي القدس ومنها الي دمشق في اواخر سنه 1360 م وظل بها حتي مات 1361 م ويعتبر قصر الامير “طاز” هو القصر المملوكي الوحيد الباقي حتي اليوم بكامل عناصره المعماريه والتي تمثل مظاهر الحياة اليوميه بالقصور المملوكيه.. ،

وكان القصر عبارة عن فناء كبير تم تخصيصه كحديقه للقصر تتوزع حولها من الجهات الاربع مباني القصر الرئيسية والفرعيه ومن اهمها جناح الحرملك والمقعد او المبني الرئيسي المخصص للاستقبال واللواحق والتوابع والاسطبل.. ، .

والقصر نفسه عبارة هيكل مربع الشكل ذو مدخل مستطيل يبدأ بباب مزخرف بفنون هندسيه مملوكيه ويوجد للقصر باب فرعي آخر وصفه المؤرخين انه ” باب سر القصر ” ويقع في الجهة الجنوبيه الشرقيه ويطل علي حارة الشيخ خليل وللقصر قاعتان رئيسيتان ، الاولي سفليه مازالت موجوده حتي اليوم ، اما العلويه فلم يبقي منها سوي الجدار الشمالي الشرقي..، وكان للقصر ساقيه علوية مندثرة اليوم كانت تقوم بتغذيه الحمامات العلوية ونافورة الحرملك ويطل الجزء الخاص بالحرملك علي الفناء بمجموعه من الشبابيك المصنوعه من الخشب البغدادي ، وتعلوها 3 شبابيك مستديرة تسمي ” القمريات” ، وبالقصر إيوانان أحدهما في الجهة الشماليه والاخر في الجهة الجنوبيه والايوان الشمالي مربع يغطيه سقف ذو زخارف هندسيه ونباتيه وبه شريط كتابي تبقي منه النص التالي « بسم الله الرحمن الرحيم ، امر بإنشاء هذا المكان المبارك السعيد من فضل الله الكريم وكل عطائه العميم المقر الاشرف العالي المولوي المخدومي الغازي المجاهدي المرابطي » وهي كلها القاب خاصه بالامير “طاز” ويتوسط هذه الكتابات رسم لكأس يرمز الي وظيفه الساقي وهي احدي الوظائف التي تقلدها الامير “طاز” اما السلاملك نفسه فيوجد بالطابق الارضي منه ، وهو مقعد خاص بالحرس المسئول عنهم الامير “طاز” ويليه الساقيه الارضيه ، وهي اول ساقيه مكتشفه باقيه حتي الآن وكان المقعد العلوي بالمستوي الاول للسلاملك عبارة عن مقعد خاص بالامير “طاز” يستقبل فيه ضيوفه ويجلس معهم مع الفرقه الموسيقيه وتقام بها الاحتفالات ،، ويقع خلفه حجرات عبارة عن ملاحق ومنافع ومبيت للسلاملك

لكن الآن لم يتبق من هذه المباني سوي الواجهتين الرئيسيه المطله علي شارع السيوفيه والخلفيه المطله علي حارة الشيخ خليل والمقعد الذي تم تجديده في عهد ” علي اغا دار السعاده ” صاحب السبيل والكتاب الملحقين بالقصر وجزء صغير من قاعات الحرملك بالاضافه الي القاعات المستحدثه التي استخدمت كمخازن او قاعات دراسيه في عصور لاحقه .، حيث انه في القرن ال 19 قررت الحكومه الخديويه تحويل القصر الي مدرسه للبنات بإيعاز من ” علي باشا مبارك” وبعد عشرات السنين قررت وزارة التربيه والتعليم اخلاء القصر لتحويله الي مخزن للكتب بعدما ظهرت علي القصر آثار الشيخوخه .، وتعرضت اجزاء منه للانهيار ،

وبعد زالزال 1992 الشهير الذي اتي علي الكثير من اعمده القصر واصبح معرض للاهيار تماماً بل واصبح خطراً علي البيوت المجاوره له واخيراً في عام 2002 م قررت وزاره الثقافه ببدء مشروع ترميم القصر والذي كان يعتبر مهمه صعبه للغايه بسبب تلف اجزاء كثيرة من القصر حتي ان بيوت الخبرة العالميه والخبراء الاجانب اعتبروا ان الموضوع قي انتهي بالفعل وانه من المستحيل اعاده احياء القصر ولكن الجميع اصر علي اعاده القصر للحياه .،

وتمت فعلا عمليه الانقاذ ووقف العالم مبهوراً وهو يري الحياة تعود الي القصر الذي تم ترميمه بكفاءه عاليه .، وكانت المفاجأة في الاكتشافات الاثريه التي ادت الي ازاحة الستار الستار عن المزيد من خبايا القصر. ، والعثور علي كميه هائله من العناصر الخشبية والمعدنيه والحجريه التي كان لها اكبر الاثر في عوده القصر الي رونقه القديم بنفس مكوناته الاصليه علي قدر المستطاع. ، وكان الاكثر اثارة هو اكتشاف حوض ضخم لأسماك الزينه تم استخدامه كلمسه جماليه وان كان هناك رأي بأن هذا الحوض ربما تم استخدامه كحمام سباحة لجواري القصر. ،

كما تم اكتشاف نافورة بالمقعد الارضي وساقيه تعلو بئر ماء كانت مخصصه لسقايا الدواب وري الحديقة وكذلك عمود رخامي له تاج كورنثي يعود للعصر البيزنطي وصهريج مياه كان مصدر لتغذيه سبيل علي اغا الملحق بالقصر ومجموعه من المجارير الفخاريه وهي تماثل تقريبا انابيب الصرف في عصرنا الحديث .،،

كما تم ايضا ترميم سبيل وكتاب “علي اغا دار السعادة” وهو جزء من قصر الامير طاز استقطعه الامير ” علي اغا” من القصر بعد هجره وتهدمه حوالي عام 1715 م وشيد عليه سبيل مياه لسقاية الحارة يعلوه كتاب لتحفيظ القرآن وهو من طراز الاسبلة ذات الشباك الواحد وهذا المبني قد عاني من سوء الاستخدام لفترات طويلة مما ادي الي طمس بعض اجزاء من ارضياته وطلاء حوائطه وملأته التشققات والشروخ وكذلك السلم الحجري الذي يربط بين السبيل والكتاب كان في حاله سيئه للغايه. ، وقد تم ترميم كل هذه العيوب واعاده البياض بمون تماثل تماماً مواد المون الاصليه واستبدال الارضيات غير الاثريه وفقاً للاصل الاثري كما تم حقن شروخ السلم وتأمينها.. ، …

إرسال التعليق

قد يعجبك ايضا