اذا نودي بالوفاء في مصر والوفي علي مر العصور النهر الخالد

في شهر مسري القبطي اوفي النيل اذرع الوفاء ، الذراع وحدة قياس ، ونودي بذلك في الاسواق بالرايات الحمراء ، وركب الباشا الي قنطرة السد ، وحضر القاضي ، وكتخدا بك وكبار العسكر ، وكسر سد الخليج بحضرتهم ، وجري الماء في الخليج ، تلك عبارات ذكرها المؤرخ الكبير عبدالرحمن الجبرتي في كتابه القيم ( عجائب الاثار في التراجم والاخبار ) ، وجرت العادة انه اذا نودي بالوفاء خرج الناس الي الروضة ، والي ناحية السد ، والي سواحل النيل ليلا ، وفي صبيحة اليوم التالي يتم كسر سد الخليج بحضور المسئولين ، وفي الليل وايضا في الصباح يتم عمل الاحتفالات والمهرجانات بوفاء النيل ، ويتم عمل شنك ومدافع ونفوط ( اي المشاعل الموقدة بالزيت او النفط ) وعلي البيوت المطلة علي الخليج ان تقوم بتقديم الولائم فرحة وبهجة بوفاء النيل ، وكان يتم تنظيف الخليج المصري ، فاذا ما اوفي النيل اذرعه ، ودخل الماء الي الخليج ، جرت فيه المراكب والسفن ، وارتدي الاطفال والرجال الملابس الجديدة ، وارتدت النساء الثياب الفاخرة والحلي والجواهر المرصعة ، وبصحبة الجميع الات الطرب المختلفة التي يصاحبها الرقص والغناء ، والنيل وفي عبر العصور راقب الشعب المصري هذا الوفاء ، فتم عمل مقاييس للنيل عند منبعه قبل عمل مقياس النيل بالروضة بمئات السنين ، والمستشرقون الاجانب ذكروا في كتاباتهم منذ القدم احتفالات وفاء النيل ، ويأتي في المقدمة المؤرخ الاغريقي هيرودوت الذي اعجبه هذا الوفاء فاطلق العبارة الشهيرة ( مصر هبة النيل ) ، واحتفل القائد الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت بوفاء النيل لمدة عامين متتالين بداية من يوم الجمعة 13 من شهر مسري القبطي الموافق 5 ربيع الاول سنة 1213 هجرية الموافق 17 اغسطس سنة 1798 ميلادية ، حيث امر نابليون بونابرت بتزيين الخليج المصري ، وكذلك تزيين عدة مراكب وغلايين ، وامر بالمناداة علي الناس بالخروج الي النزهة في النيل والمقياس والروضة والخليج علي عاداتهم ، واكثر الفرنسيون في هذه الاحتفالات من رمي المدافع والصواريخ من المراكب والسواحل ، وترافقهم الفرق الموسيقية والغنائية ، واهتم سلاطين العثمانيين بالاحتفال بوفاء النيل فبنوا للباشا والي مصر قصرا عند قنطرة السد فأذا اوفي النيل اذرعه كانت الفرحة والبهجة ، واذا لم يوف باذرعه امروا الفقراء والضعفاء والاطفال الايتام بالخروج الي الصحراء لقراءة صحيح البخاري وليدعوا الله بزيادة مياه النيل ، وامروا مشايخ الازهر بعمل صلاة الاستسقاء بجامع عمرو بن العاص لكونه محل الصحابة والسلف الصالح ، وذكر الجبرتي حوارا ديموقراطيا بين شيخ الازهر الشيخ الشرقاوي ومحمد علي باشا حيث قال الشيخ الشرقاوي ( قبل ما تأمرونا بصلاة الاستسقاء ترفقوا بالناس وترفعوا الظلم ) فقال محمد علي ( انا لست بظالم وحدي وانتم اظلم مني ) ، وبعد هذا التاريخ لوفاء النيل قام الحمقاء بتغيير شارع خليج امير المؤمنبن الي شارع بور سعيد

إرسال التعليق

قد يعجبك ايضا