ثورة مشاعر
ننتظر الوقت الذي تثور فيه مشاعرنا كبركان هائج ثائر شديد!،نظل نبخل أو لا نُصرح بمشاعرنا حتى تأتي لحظة الثوران تلك لتغمر الجميع بالحب والمودة،ولكنها مع الأسف غالباً ما تأت بعد فوات الأوان،والسؤال.. هل هذا طبيعي وشيئ سليم أم طبيعة مزمومة؟
من وجهة نظري وبعد تأمل هذه القضية توصلت إلى أن هذه طبيعة مزمومة عند البعض،فتجده ممتنعاً تماماً عن مشاركة أي مشاعر مع أحد وخاصة مشاعر الحب والمودة وبالأخص مع أقاربه سواء والديه أو إخوته،وهذا بحكم مدى شدة القرابة والصلة فيجد نفسه ليس في حاجة للبوح والتصريح وإعلان ذلك الحب ظاناً منه أنهم يعلمون بالطبع حبه لهم فلا داع للتصريح ولا حتى التعريض!
الزوجة لزوجها أو الزوج لزوجته كلاهما يكن للآخر حباً يسع الكون ولكن لا يُعرب عن هذا الحب بالقول أو الفعل باعتبار هذه العلاقة الزوجية وكفى بها برهاناً على الحب!وهذا ليس صحيحاً،فدائما ما تحتاج العلاقات إلى بارودٍ ليثير انفجار المشاعر بين الحين والآخر.
نحمل بداخلنا جيوشاً من المشاعرتنتظر أمراً من قائدها للانطلاق في ساحة المودة والحب,وإعلان هذه الحالة واحتلال القلوب,ورفع رايات الحب وإعلان القلوب أنها تمت عِمارتها ودبت فيها الروح من جديد،فتفتقد الأم كلمة حانية من ابنها،وكذلك الابن يفتقد احضان والدته وكأنه صبي ضل طريقه في صحراء المريخ!،يفتقد الأب مشاعر الأبوة نظراً لوجود فجوات بينه وبين أبنائه لا يعلم من أين أتت, وكم تمنى لو شعر أنه صديق لابنه يشاركه أفراحه وأطراحه وقضاياه.
إنها حقاً لمساحات بينية شاسعة بين الأنفس من الصعب جداً التئامها!،والمؤسف أن ثوران المشاعر لا يظهر إلا في أوقات الضيق والفراق الأبدي!!،حينها نقول ليتني أراه وأقول له كذا وكذا وأشتري له كذا وكذا،والشوق ينهش القلوب نهشاً،فلماذا ننتظر الفراق الأبدي بعدما يأخذ أحبابنا من بيننا ثم نبكي ونقول أيناهم؟؟! ونقول ليتهم حولنا لنخبرهم بمدى حبنا لهم!
أحد أسباب عدم التصريح بهذه المشاعر والذي أراه له الريادةهو”الخجل” ثم “الكِبر”
قد يبوح أحدهم لحبيبته بحبه مراراً وتكراراً دون أدنى خجل،ولكن إذا تعلق الأمر بالأسرة مثلاً تجده يخجل من أن يردد كلمات الحب هذه،وإن ذكرها فهي ستُذكر مرة والثانية ثم نسمع بعد ذلك جمال الصمت!،مع العلم أن الأسرة وأفرادها هم أحق وبحاجة ماسة لهذا التصريح بالحب وقول أحدهم للآخر “أحبك” لسد الفجوات بين أفرادها،فقد وصل الحال بالأخوة والأخوات بين بعضهم البعض , وبينهم وبين آبائهم لحالة يُرثى لها تدعو للشفقة.
وكذلك الكِبر،فتجد تلك الأفكار الساذجة والتي تنص على أن على أحد الطرفين البدء في التعبير والقول والتصريح بالحب أو المشاعر أو الكلام الطيب أو حتى الاعتذار،وأن الآخر ليس بحاجة للتعبير ما دام الآخر لم يبدأ وهذا ما يحدث في حالات الخِصام والفراق بين الأحياء. فلا نستهن بالكلمة فكما قال النبي (صلى الله عليه وسلم)الكلمة الطيبة صدقة،ولو لم يكن لها تأثير لما حث الشرع على طيب الحديث والكلام،أفشوا الحب والمودة بينكم ينصلح حالكم.
إرسال التعليق