الدولة تقر حزمة تشريعات فى ملف حقوق الإنسان لضمان مظلة آمنة.. توسيع تمكين المرأة وإقرار قوانين تتصدى لمنعها من الميراث والنفقة.. وقانون لـ”ذوى الهمم” ونقلة نوعية بممارسة العمل الأهلى.. وتغليظ عقوبة ختان الإناث
عملت الدولة المصرية على مدار الـ 7 سنوات الماضية على مراجعة كافة التشريعات والقوانين لتسهم فى تعزيز حقوق الإنسان وضمان حقه فى حياة كريمة وإعلاء كرامته، والسعى للقضاء على كل الانتهاكات التي تمس بتلك الحقوق وهو هدف تتطلع كافة دول العالم لبلوغه، وقد أظهرت اســتجابة الدولــة المصريــة للعديــد مــن التوصيــات التــي أوصـى بهـا مجلـس حقـوق الإنسـان بالأمـم المتحـدة، حيـث قطعــت مصــر شــوطا كبيــرا في شــتى النواحــي، كان في مقدمتهـا تعزيـز حقـوق المـرأة وتمكينها فى كافة المجالات، فحرصـت الدولـة علـى تنفيـذ التوصيـات الخاصـة بمواجهـة العنــف ضـد المــرأة، مــن خلال سـن التشـريعات وإصـدار القوانيــن وترســيخ مبــدأ المســاواة، كمــا قدمــت نموذجــا فعــالا يحتــذى بــه فى تعزيــز حقــوق الشــباب والأطفــال وذوي الإعاقــة.
وتمثلت أبرز التشريعات فى اتجاه الدولة المصرية لتعزيز ديناميكية برامج الحماية الاجتماعيـة، لضمـان وصولهـا للشـرائح المسـتهدفة عبـر مظلــة تشــريعية ســنها مجلــس النــواب المصــري، بتوسيع برامج الدعم وتوفير آليات ضامنة لوصولها للمستحقين وتوفير مظلة قانونية للتأمين الصحى الشامل وحماية الأطفال وتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا، وضمان الحقوق فى ممارسة العمل الأهلى، وغيرها من التشريعات التى سعت لترسيخ بيئة مهيئة للعمل مثل قانون الخدمة المدنية، وإقرار زيادة الحقوق المالية للعاملين بالدولة من خلال قوانين العلاوات الدورية وحفظ حق أصحاب المعاشات.
ومن بين التشريعات التى سعت لحفظ حق المرأة، تعديــل قانــون العقوبــات المصــري رقــم 58 لســنة 1937 بتغليــظ عقوبــة ختــان الإناث والذى أُقــر عــدد مــن التعديــات القانونيــة علــى قانــون ختــان الإنـاث، وتمحـورت التعديـلات حـول وضـع توصيـف صريح لعمليـة الختـان طبقـا لتعريـف منظمـة الصحـة العالميـة، وتغليـظ عقوبـة السـجن لـكل مـن قـام بختـان أنثـى لمـدة تصـل إلي سـبع سـنوات، وتـم اسـتحداث عقوبـة لـكل مـن طلـب ختـان أنثـى تصـل إلي السـجن لمـدة ثلاث سـنوات، وتعديل قانون رقم 58 لسنة 1937، المعروف بقانون “النفقة والمتعة” واســتهدف تعديــل القانــون مواجهــة المتهربيــن مــن دفــع ُ النفقــة، والتى تعــد مــن أهــم مشــاكل قضايــا الأحـوال الشـخصية التـي تعـاني منهـا المـرأة، وجاء التعديل بزيـادة الغرامـة مـن 500 جنيـه إلى 5 آلاف جنيـه لـكل مـن يمتنــع عــن أداء النفقــة وتعليــق اســتفادة المحكــوم عليــه مــن بعــض الخدمــات التــي تقدمهــا الجهــات الحكوميــة والهيئــات العامــة.
هناك أيضا تعديل القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث والذى تضمــن تعديــل إضافــة المــادة 49 التــي تكفلــت بمعاقبـة بالحبـس لمـدة لا تقـل عـن سـتة أشـهر، وغرامـة تصــل إلي مائــة ألــف جنيــه، لــكل مــن امتنــع عمــدا عــن تســليم أحــد الورثــة نصيبــه الشــرعي مــن الميــراث، وهــو الحـق المنهـوب الـذي عانـت منـه المـرأة لسـنوات طويلـة، خاصــة في المناطــق الريفيــة والصعيــد، بســبب العــادات والتقاليــد الموروثــة بعــدم توريثهـا، هذا بجانب تعديلات لازالت قاربت على الخروج للنور بشأن تغليظل عقوبة زواج القاصرات.
وعن تمكين المرأة، فقد حققـت الدولـة المصريـة تقدماً ملحوظـا فى مجـال تمكيـن المــرأة المصريــة، ولا تــزال الجهــود تتواصــل فى إكســاب المــرأة حقوقهــا وتعزيــز دورهــا الــذي يســاهم فى تقــدم وازدهــار العمليــة التنمويــة للدولــة، حيث أصبحت المرأة المصرية مكونا رئيسيا في الوزارات المصريـة والبرلمـان، وزاد عـدد السـيدات المصريـات اللاتى وصلــن إلى منصــب قيــادي في الحكومــة المصريــة حتــى بلــغ عــدد الوزيــرات فى عــام 2019، 8 وزيــرات، بمــا يمثــل 25 % مــن إجمالي الحكومــة
كمــا تقلــدت النســاء المصريــات منصــب محافــظ، عـلاوة علــى تــولي خمــس شــابات مصريــات منصــب نائــب المحافــظ، وبعــد أن كان مــن الصعــب وصــول المــرأة إلي منصــب قاضيــة، تمكنــت المــرأة المصريــة مــن إثبــات قدرتهــا حتــى أصبــح عــدد القاضيــات في مصــر 66 قاضيــة في المحاكـم الابتدائية لعـام 2018، بالإضافـة إلي تعييـن 6 سـيدات كنائبـات لرئيـس هيئـة قضايـا الدولـة لأول مـرة في مصــر، وجـاءت التعديـلات الدسـتورية 2019 لتقـر بتعديـل المـادة 102 التـي مـن شـأنها زيـادة نسـبة تمثيـل المـرأة المصريـة إلى 25% ممــا يزيــد مــن تقــدم مصــر الملحــوظ فى التقاريــر، العالميـة الخاصـة بسـد الفجـوة بيـن الجنسـين
وأيضا من بين التشريعات التى حرصت الدولة فيها على رد الحقوق الغائبة، كان قانــون حقــوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصــادر بالقانــون رقــم 10 لســنة 2018، حيث وفـر القانـون آليـات الإتاحة لتعزيـز قـدرات الأشخاص مـن ذوي الاحتياجات الخاصــة، وكذلــك التمكيــن السياســي لهـم مـن خـال تمثيلهـم بنسـبة ملائمة في البرلمـان وفـق القانـون والدسـتور.
وقــد أبــرز القانــون العديــد مــن المكتســبات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصــة مــن خلال وضــع أول تعريــف جامــع للأشخاص ذوي الإعاقة يكفــل ضــم كل شــرائح الإعاقة تحــت مظلتــه، بالإضافة إلي ضمــان اســتخدامهم كافـة الخدمـات دون إقصـاء أو اسـتبعاد، وحقهـم في تـولي المناصــب القياديــة بالدولــة.
ومن بين تشريعات حماية الطفل، تم إصدار قرار بالقانون رقم 15 لسنة 2015، بتعديل بعض أحكام القانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 2010 حيث نصت المادة الأولى، على استبدال نص البند (ج) من قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 2010، النص الآتي: “اليتيم: كل من تُوفى والداه أو تُوفى أبوه ولو تزوجت أمه، أو مجهول الأب أو الأبوين”، وكان قبل هذا التعديل: “اليتيم: كل طفل توفى والداه أو توفى أبوه ولو تزوجت أمه أو مجهول الأب أو الأبوين”، ويعد تعديل قانون الضمان الاجتماعي 137 لسنة 2010 واستبدال الفقرة (ج) من المادة الثانية الخاصة بتعريف اليتيم يعنى اعتبار أطفالنا فى الشارع والأطفال مجهولي الهوية إلى أطفال أيتام، مما قد يساعد على تعديل النظرة والثقافة المجتمعية السلبية السائدة تجاه هذه الفئة من أطفالنا.
جاء هذا بجانب خروج تشريع مهم وحيوى لصالح 55 ألف جمعية أهلية تعمل فى مصر، جاء فى نصوصه استجابة لكافة المطالب وضمن مناخ آمن لعملهم ومثل نقلة نوعية للعمل الأهلى فى مصر، وتعزيز عمل المجتمع المدنى فى مصر، والذى أقر مؤخرا لائحته التنفيذية .
وجاءت بنصوص القانون آليات ضامنة لممارسة العمل الأهلى فى مناخ آمن وإلغاء العقوبات السالبة للحريات والاكتفاء بالغرامات ونظم عمل المنظمات الأجنبية، وإتاحة بناء شراكة قوية ومستدامة بين الدولة والقطاع الأهلي، بما يسمح لكليهما تحقيق أهدافه في إطار من الشفافية واحترام مبادئ وقيم حقوق الإنسان، وضمنت التزام الدولة بدعم القطاع الأهلي عبر توفير ضمانات التمتع بالحق في تكوين الجمعيات الأهلية وتعزيز قدراتها التنظيمية والمالية، والسماح له بالعمل في مختلف الأنشطة، بجانب منحه العديد من المزايا والاعفاءات التي تمكنه من القيام بدوره لتحقيق اهدافه. كما يعبر القانون بوضوح عن ترحيب الدولة المصرية بعمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية على أراضيها، إذ أنه لا يكتفي بفتح الباب أمامها للتواجد في الواقع المحلي، وإنما يدعمها بتسهيلات وضمانات توفر لها بيئة مواتية لإنجاز عملها بشكل فعال وسريع في إطار من الشفافية، وأن يكون التأسيس بالإخطار.
إرسال التعليق