الأمم المتحدة: الغارة الإسرائيلية على مدرسة التابعين تؤكد الحاجة إلى وقف إطلاق النار
جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، حول “الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية”، جاءت بطلب من الجزائر لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة، والضربة الإسرائيلية الأخيرة على مدرسة التابعين التي تؤوي مئات العائلات الفلسطينية النازحة.
استمع المجلس إلى إحاطتين من وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، وليزا دوتن مديرة قسم التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وقالت روزماري ديكارلو إن الغارة الجوية الإسرائيلية على مدرسة التابعين أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين وإصابة العديد من الأشخاص، بمن فيهم نساء وأطفال، وفقا لمصادر فلسطينية محلية.
وأوضحت أن الأمين العام أدان استمرار الخسائر في الأرواح في غزة في أعقاب الهجوم على مدرسة التابعين. كما أكد الأمين العام ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك مبادئ التمييز والتناسب والاحتياط في جميع الأوقات.
وقالت ديكارلو: “وفقا لإسرائيل، استهدف الجيش الإسرائيلي مركز قيادة لحماس في مسجد داخل مجمع المدرسة وقتل ما لا يقل عن 31 مقاتلا من حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني”.
بشأن الوضع في الضفة الغربية، حثت ديكارلو على مواصلة الاهتمام بالوضع المتدهور والعنف المستمر في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، مشيرة إلى العديد من الحوادث التي وقعت مؤخرا، ومن بينها غارتان جويتان نفذهما الجيش الإسرائيلي “على خلية لحماس” في طولكرم، مما أسفر عن مقتل تسعة فلسطينيين قال الجيش الإسرائيلي إنهم كانوا يخططون لشن هجوم داخل إسرائيل.
ترحيب بالجهود المصرية القطرية الأمريكية
كما رحبت المسؤولة الأممية بالجهود التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة لحمل الجانبين على إبرام صفقة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وإيصال الإغاثة الإنسانية التي تمس الحاجة إليها في غزة.
واقتبست مما أكده زعماء مصر وقطر والولايات المتحدة في بيانهم المشترك في 8 آب/أغسطس وقالت: “ليس هناك مزيد من الوقت لإضاعته، ولا أعذار لأي طرف لأي تأخير إضافي”.
وشددت على ضرورة الاستجابة لدعوة الزعماء من أجل تقديم الإغاثة الفورية لأهل غزة والرهائن وأسرهم. وحثت جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لحماية المدنيين وإبرام هذه الصفقة، على الفور، كما أقرها مجلس الأمن في القرار 2735 (2024).
وقالت إن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم كافة الجهود الرامية إلى تحقيق هذا الهدف، وتظل على اتصال وثيق مع الأطراف المعنية.
دعوة إلى خفض التصعيد الإقليمي
بعد مرور عشرة أشهر منذ بدء الحرب، قالت ديكارلو إن التهديد بمزيد من التصعيد الإقليمي بات أكثر وضوحا وإثارة للرعب من أي وقت مضى، مشيرة إلى استمرار تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق بشكل شبه يومي.
وقالت إن وقف الانزلاق نحو كارثة أكبر يتطلب من الأطراف أن تكف عن كل الخطابات والأفعال التصعيدية. وجددت دعوة الأمين العام إلى العمل بقوة نحو خفض التصعيد الإقليمي لصالح السلام والاستقرار على المدى الطويل.
مقتل 40 ألف فلسطيني
بدروها، أعربت ليزا دوتن المسؤولة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن الفزع الشديد إزاء الضربة الإسرائيلية على مدرسة التابعين، مشيرة إلى أن العديد من الأسر داخل المدرسة كانت قد انتقلت إلى هناك بسبب أوامر الإخلاء الأخيرة. وقالت إن التقارير الأولية تشير إلى أن هذا الهجوم كان أحد أكثر الهجمات دموية على مدرسة تؤوي نازحين منذ بداية هذا الصراع.
وقالت إن من المؤسف أن هذا الهجوم لم يكن حادثا معزولا، مشيرة إلى أن مثل هذه الهجمات “تبدو وكأنها تحدث بوتيرة متزايدة”. وفقا لمفوضية حقوق الإنسان، فإن هذه هي الضربة الحادية والعشرون، على الأقل، على مدرسة يلجأ إليها نازحون منذ 4 تموز/يوليو من هذا العام.
وأعربت دوتن عن الأسف “لأن هذه الحوادث واسعة النطاق، ليست سوى جزء من الطرق العديدة التي يتسبب بها هذا الصراع المروع في معاناة ودمار لا يطاقان”. وأشارت إلى أن العنف المتواصل في غزة، أسفر، حتى الآن، عن مقتل نحو 40 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 90 ألفا آخرين، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
ولا يزال نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين ويُعتقد أنهم مدفونون تحت الأنقاض. وحتى التاسع من آب/أغسطس، كان هناك ما يقدر بنحو 115 رهينة لا يزالون أسرى في غزة، على الرغم من المطالبات المتكررة بالإفراج عنهم، بمن فيهم الرهائن الذين أُعلن عن وفاتهم والذين لا تزال رفاتهم في غزة.
وأوضحت أن ما نشهده في غزة هو نتيجة لحرب شنت دون مراعاة لمتطلبات القانون الدولي، وشاطرت الأمين العام ومختلف المنظمات القلق العميق إزاء انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي ترتكب طيلة هذا الصراع.
شلل الأطفال يلوح في الأفق
الوضع الصحي في غزة لا يزال حرجا، ونظام الرعاية الصحية بالكاد يعمل، وهناك آلاف المرضى في حالات حرجة على قوائم الانتظار للإجلاء الطبي، وفقا للسيدة ليزا دوتن.
وبالإضافة إلى ذلك يلوح شلل الأطفال في الأفق بوصفه تهديدا جديدا، ومن المثير للقلق البالغ أن برامج التحصين في المدارس أصبحت مستحيلة عمليا. وشددت دوتن على ضرورة السماح، وبصورة عاجلة، للعاملين في مجال الصحة بإجراء حملة تحصين.
ونبهت المسؤولة الأممية إلى أن هذه الحرب تدمر الأرواح والأحلام والمستقبل، مشيرة إلى أن أكثر من نصف مليون طالب خسروا عاما دراسيا كاملا، “وحتى لو انتهت هذه الحرب اليوم، فإننا نقدر أن 8 من كل 10 مدارس على الأقل سوف تحتاج إلى إعادة تأهيل”.
كما أكدت على ضرورة عدم تجاهل الصدمة العاطفية والنفسية الهائلة التي خلفتها هذه الحرب على الأطفال ــ بل وعلى الناس من جميع الأعمار ــ “وهي الصدمة التي سوف يحملونها لبقية حياتهم”.
أوامر الإخلاء تفاقم المحنة
وفقا لتحليل حديث للأمم المتحدة، تضرر أو تدمر أكثر من 60% من المباني السكنية و65% من شبكة الطرق. وفي غضون أسبوعين فقط، نزح أكثر من ربع مليون شخص، وغالبا مرات متعددة.
وقالت ليزا دوتن إن أوامر الإخلاء – التي يُفترض أنها من أجل أمن المدنيين – تؤدي بوضوح إلى النتيجة المعاكسة. ويُطلب من المدنيين مرارا وتكرارا الإجلاء إلى مناطق تفتقر إلى الضروريات اللازمة لبقائهم على قيد الحياة. ويُقتلون ويصابون مرارا وتكرارا في نفس الأماكن التي قيل لهم إنها آمنة للذهاب إليها.
الجزائر
الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع – الذي طلبت بلاده عقد الاجتماع – بدأ حديثه بتوجيه سؤال لأعضاء المجلس قائلا: “هل يكون هذا اجتماعا آخر غير فعال وعبثيا ويبعث على اليأس؟”. ثم أضاف: “الجواب بسيط: هذا ليس ما تم تصميم المجلس من أجله، ولا ما يتوقعه المجتمع الدولي”.
وقال إن الأمر الأكثر أهمية هو أن هذه ليست الطريقة التي ينبغي للمجلس أن يتعامل بها مع مناشدة الفلسطينيين، ومساعيهم لتحقيق العدالة، وحقوق الفلسطينيين في الوجود، مشيرا إلى أن المجلس يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية الأساسية للتصرف بحزم، من أجل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
وأوضح السفير الجزائري أن العالم استيقظ يوم السبت الماضي على “إراقة مروعة أخرى للدماء”، بعد أن “استهدفت إسرائيل مدرسة التابعين في حي الدرج في غزة”.
وقال إن “المبنى مدني يؤوي مدنيين، بشهادة المجتمع الدولي”، مشيرا إلى أن “الأمين العام للأمم المتحدة قال بوضوح إن المدرسة كانت تؤوي مئات العائلات الفلسطينية النازحة”.
ونقل السفير الجزائري “شهادة” قال إنها لأحد الآباء الناجين من الغارة الإسرائيلية على مدرسة التابعين قال فيها “إنه أُعطي 18 كيلوغراما من أجزاء جسم ودفنها باعتبارها جثة ابنه الشهيد”.
واختتم السفير الجزائري حديثه بالقول: “من أجل قيم الإنسانية، يجب أن نتحرك الآن. إن تقاعسنا يكلف أرواحا، ومصير شعب بأكمله في خطر”.
إرسال التعليق