اليونيسيف: الأطفال المرضى في غزة محكوم عليهم بالموت البطيء
هذا ما جاء على لسان مسؤول الإعلام في المكتب الإقليمي لليونيسف، سليم عويس، خلال حديثه، عبر الفيديو، من العاصمة الأردنية عمان مع الصحفيين في جنيف، اليوم الجمعة .
وقال السيد عويس إنه شعر بالصدمة من عمق المعاناة والدمار والتشرد الواسع النطاق خلال زيارته الأخيرة إلى غزة.
وأضاف: “إن اللقطات التي يشاهدها العالم على شاشات التلفزيون تعطي لمحة مهمة عن الجحيم الحي الذي يتحمله الناس لأكثر من 10 أشهر. لكن ما لا تظهره هذه اللقطات بالكامل هو الأحياء وسبل العيش والأحلام التي تمت تسويتها بالأرض خلف المباني المنهارة”.
قصة يحيى
وأكد المتحدث باسم اليونيسيف أن الحرب المستمرة في غزة تستمر في إلحاق الأهوال بآلاف الأطفال، مما يبقي الكثيرين منهم منفصلين عن أحبائهم.
ووصف العملية المعقدة والخطيرة المتمثلة في لم شمل يحيى البالغ من العمر 8 أشهر مع والديه لأول مرة بعد أن انفصل عن والدته عند الولادة. وُلد الطفل قبل أوانه في 27 تشرين الثاني/نوفمبر في مستشفى كمال عدوان ونُقل إلى مستشفى الشفاء لرعاية الأطفال حديثي الولادة قبل وقت قصير من العملية العسكرية الإسرائيلية هناك. وتم إجلاؤه إلى مستشفى الأقصى في وسط غزة، لكن والديه ظلا عالقين في الشمال. ثم وُضع يحيى في رعاية مؤقتة بدعم من اليونيسف والشركاء، الذين تمكنوا من البقاء على اتصال بعائلته. وقال السيد عويس إن المهمة الناجحة شملت سبعة أطفال من أربع عائلات وكانت “لحظة نادرة من الفرح في بيئة قاتمة”.
وأضاف: “قبل أسبوعين فقط، أصيبت سيارة أخرى تابعة لليونيسف في مهمة لم شمل بثلاث رصاصات، أثناء انتظارها في نقطة تفتيش في طريقها إلى الشمال. لكن انتصارنا الصغير – رؤية الأب زكريا الأب يبكي من الفرح والارتياح – هو سبب استمرارنا على الرغم من التحديات العديدة”.
الحكم بالموت البطيء
قال السيد عويس إن المياه والنفايات لا تزالان تشكلان مشكلة ضخمة في غزة. وقال إنه يُقدر أن نظام الصرف الصحي في دير البلح – والذي يعمل جزئيا – يستوعب نحو سبعة أضعاف طاقته الاستيعابية بسبب موجات النزوح الضخمة إلى المنطقة، “ونتيجة لذلك، فإن شبكة الصرف الصحي التي يبلغ عمرها عقودا من الزمان مسدودة في الغالب وتتسرب منها المياه”.
وقال إن الأسر طلبت منه الحصول على الصابون ومستلزمات النظافة، مشيرا إلى أن الأسر تستخدم الماء والملح لتنظيف الأطفال أو الماء المغلي بالليمون لمحاولة علاج الطفح الجلدي. وقال إن هناك نقصا خطيرا في الأدوية للأطفال الذين يعانون من حالات مسبقة، مثل السرطان والأمراض الخلقية.
وأضاف: “لقد حُكم على طفل مصاب بمرض في قطاع غزة بالموت البطيء لأنه لا يستطيع تلقي العلاج الذي يحتاجه، ومن غير المرجح أن يبقى على قيد الحياة لفترة كافية للخروج من هناك”.
وأكد المسؤول في منظمة اليونيسيف أن وقف إطلاق النار هو الأمل الوحيد في بقاء الأطفال على قيد الحياة. وقال إن تحقيق وقف إطلاق النار لا يزال ممكنا، وهو ضروري الآن أكثر من أي وقت مضى وقد تأخر جدا، “ويجب على الجميع أن يبذلوا قصارى جهدهم لتأييده”.
مشاهد مرعبة
من جانبها، قالت المتحدثة باسم الأونروا لويز ووتريدج، الموجودة حاليا في غزة، إن المشاهد التي رأتها في خان يونس يوم أمس الخميس “كانت مروعة”. وفي حديثها مع أخبار الأمم المتحدة، قالت إن مئات العائلات فرت إلى غرب القطاع، معظمها سيرا على الأقدام، بعد أوامر الإخلاء الإسرائيلية فيما كانت تحمل القليل الباقي من ممتلكاتها.
وصفت رؤية طفل صغير يبلغ من العمر حوالي ثماني أو تسع سنوات، لم يكن يبدو أنه بصحبة أي شخص من عائلته سوى شقيقه الأصغر البالغ من العمر حوالي أربع سنوات.
وقالت: “للحظة واحدة ترك يد شقيقه الصغير لإعادة ترتيب الحقائب التي كان يحملها على كتفيه، عندما عاد ليمسك به لم يجده هناك. كان الشقيق الأصغر قد انتقل إلى الجانب الآخر. رأيت الذعر على وجه هذا الصبي عندما اعتقد أنه فقد شقيقه الأصغر واستدار بشكل محموم للبحث عنه. لحسن الحظ، لم يكن بعيدا جدا، لكن هذا يصف حقا الدمار والخوف والقلق واليأس الذي يواجهه هؤلاء الناس”.
وقالت إن بعض الشباب “الطيبين للغاية” ساعدوا أيضا في دفع كرسي متحرك لرجل مسن محملا عليه أمتعته، على الرغم من أنهم هم أنفسهم يفرون. وأضافت: “مرة أخرى، يضطر هؤلاء الأشخاص إلى التحرك دون أي أمان على الإطلاق ولا مكان يذهبون إليه. إنه لأمر مدمر أن يحدث هذا مرارا وتكرارا. نرى هذا أسبوعا تلو الأسبوع، في ظل هذه الظروف الرهيبة. عائلات مجبرة على الفرار دون سابق إنذار تقريبا، ودون أي ممتلكات تقريبا، ولا وسيلة لمحاولة العثور على مكان آخر للبقاء على قيد الحياة”.
حملة التطعيم ضد الشلل
وقالت السيدة واتريدج إن الأونروا تعمل في شراكة قوية مع منظمة الصحة العالمية واليونيسف ووزارة الصحة في غزة للتحضير لحملة تطعيم، بما في ذلك ضد شلل الأطفال.
وشددت على أن أوامر الإخلاء المستمرة ستجعل الحملة صعبة للغاية، وأوضحت قائلة: “من الصعب للغاية تقديم الخدمات والرعاية الصحية والاستجابة الإنسانية للسكان ولهذه العائلات التي تضطر إلى الفرار بشكل منتظم”.
وأعربت عن أملها في أن تبدأ حملة التطعيم في نهاية آب/ أغسطس، لكنها أكدت أن تسهيلها سيكون أسرع بكثير مع وقف إطلاق النار، أو أي نوع من أنواع الهدنة الإنسانية.
وأضافت: “لقد طالبنا بوقف إطلاق النار لعدة أشهر. وسوف يفيد ذلك بشكل كبير أي نوع من الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، بما في ذلك الاستجابة للتطعيم ضد شلل الأطفال. إن الأونروا ملتزمة بشدة بقيادة حملات التطعيم على الأرض بوصفها أكبر منظمة إنسانية في قطاع غزة”.
إرسال التعليق