“ماسبيرو”.. قصة الإنجاز والانهيار بعد ٢٥ يناير 

“ليالي الحلمية”، “المال والبنون”، “حديث الصباح والمساء”، أعمال درامية تربّى عليها جيل وراء جيل، لا ينساها الكبار والصغار مهما مرّت السنون، لأنها شهدت العصر الذهبي للتليفزيون المصري، قبل صعود كيانات أخرى تحكمّت في السوق المصري منذ سنوات، حتى أصبحت الكلمة الأولى والأخيرة للإنتاج الخاص والقنوات الفضائية.

 

بالرجوع إلى الوراء، نجد أن بداية الإصلاح هي أولى خطوات انهيار “ماسبيرو”، بعد قيام الشعب المصري بثورة ٢٥ يناير التي تمرّدت على الفساد، فاختلط الانتصار بالنكسة التي أطاحت بهذا الكيان العظيم، الذي تخرّج منه كبار النجوم قبل لجوئهم للإنتاج الخاص، بسبب عجز الدولة عن توصيل فنهم الراقي إلى الجمهور العربي.

 

وفي عام ٢٠١١، لفظ التليفزيون المصري أنفاسه الأخيرة، وضاع الأمل في الحفاظ على صورته المشرفة، بعد تحويل أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق وأنس الفقي وزير الإعلام السابق إلى التحقيق، بتهمة إهدار المال العام بسبب تخصيص ميزانية ٤٠٠ مليون جنيه لإنتاج دراما شهر رمضان، انقسمت بين إنتاج مباشر أو مشترك للدولة.

 

والحقيقة أن سيطرة القوات المسلحة على إدارة “ماسبيرو” كان سلاحاً ذو حدين، وهما منح الشعب المصري أملاً في القضاء على الفساد، ثم انهيار ما تبقى من إنجازات هذا الكيان العظيم، مما أدى إلى تراجع الدولة عن منافسة شركات الإنتاج الخاص، التي حافظ بعضها على هيبة التليفزيون المصري، وسعى آخرون إلى الكسب المادي دون الاهتمام بتقديم الفن الهادف.

 

ختاماً، الفن هو مرآة المجتمع وسفيره أمام العالم، ولا تقل أهميته عن مشروعات الدولة في جميع المجالات، والحل أن نتخلص من الروتين الحكومي القاتل، والقرارات التي تقف عائق في طريق التقدم، ومنح قيادات “ماسبيرو” إمكانيات إعادة إنجازات الماضي، ولكن مع الرقابة الصارمة وعدم السماح بوجود الفساد الإداري أو الإسراف المادي بدون هدف.

إرسال التعليق

قد يعجبك ايضا