إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني "وسط معاناة غير مسبوقة"، وتجديد الدعوة لإنهاء الاحتلال
جاء هذا في الفعالية الخاصة التي أقامتها اللجنة اليوم الثلاثاء بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الموافق 29 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال رئيس اللجنة السفير شيخ نيانغ الممثل الدائم للسنغال لدى الأمم المتحدة إن “الاستمرار في حرمان الشعب الفلسطيني من هذه الحقوق هو خيانة لمبادئ الإنسانية والعدالة التي ندعي أننا نتمسك بها”.
ونبه نيانغ إلى أن الاحتفال هذا العام يأتي وسط “معاناة ومأساة غير مسبوقة”، تمتد الآن إلى ما يزيد عن 400 يوم، مضيفا أن السكان المدنيين الفلسطينيين بالكامل في غزة يعانون من كارثة إنسانية “لم نشهد لها مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية”.
وأضاف: “يجب علينا الآن أن نتحرك بحزم لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية والسياسية والقانونية والأخلاقية”.
وأشار كذلك إلى استمرار أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، “مما يؤدي إلى تعزيز مناخ من الفوضى التي تؤدي إلى ارتفاع عدد الضحايا والتشريد القسري لمجتمعات فلسطينية بأكملها”.
وقال رئيس اللجنة: “إن الخطابات اللاإنسانية والدعوات إلى إبادة أو طمس الكرامة أو الهوية أو الحق في الوجود كأمة ليست وصمة عار على مرتكبيها فحسب، بل وصمة عار على إنسانيتنا”.
ونبه كذلك إلى أن فشل النظام الدولي في التصرف بحزم في مواجهة مثل هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، وخاصة عجز مجلس الأمن عن الوفاء بواجباته بموجب مـيثاق الأمم المتحدة وتنفيذ قراراته الملزمة قانونا، قد أدى إلى تفاقم هذا الصراع وتعميق معاناة الشعب الفلسطيني.
وتحدث رئيس اللجنة عن “الهجوم السياسي والمالي والأخلاقي” الذي تتعرض له وكالة الأونـروا، مضيفا أنه “ليس لإسرائيل سلطة قانونية لإنهاء تفويض الأونروا. وتمثل محاولاتها لتقييد أو عرقلة العمليات في الأرض الفلسطينية المحتلة تحديا مباشرا لسلطة وامتيازات وحصانات الأمم المتحدة”.
وأنهى نيانغ كلمته بالقول: “إن تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني لم يعد بالإمكان أن ينتظر. إن العالم يراقبنا وسوف يحكم علينا التاريخ ليس من خلال أقوالنا، بل من خلال أفعالنا”.
إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية
بدوره، أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ في كلمته خلال الفعالية الخاصة أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله بالقوة من أي من الجانبين، ولا من خلال الاحتلال أو المفاوضات التي لا نهاية لها.
وأضاف: “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لن ينتهي إلا عندما يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش جنبا إلى جنب في دولتيهم المستقلتين ذات السيادة في سلام وأمن وكرامة”.
ولفت إلى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يزال دون حل، على الرغم من القرارات العديدة والمؤتمرات الدولية التي تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل ودائم، مضيفا أن “الصراع تصاعد مرة أخرى أمام أعيننا، ليصبح أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة”.
وحذر يانغ من أن حرمان أجيال من الشباب الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، لن يؤدي سوى إلى تأجيج اليأس والصدمة والتطرف.
وأضاف: “يجب علينا استعادة الأمل والثقة بين الفلسطينيين، والأمل في إمكانية تحقيق مستقبل أفضل، والثقة في الأمم المتحدة والتزاماتها. يمكننا أن نبدأ في بناء هذا المستقبل هنا اليوم من خلال المطالبة بوقف إطلاق النار، والعودة الفورية للرهائن وبدء المفاوضات نحو سلام دائم”.
وشدد على أن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل فقط هو الذي يمكن أن يضمن السلام الدائم والأمن والازدهار لشعبي فلسطين وإسرائيل، مضيفا: “دعونا نترجم تضامننا مع الشعب الفلسطيني إلى عمل يحول حياته اليوم. دعونا نفعل ذلك من أجل الأطفال الفلسطينيين ومن أجل مستقبل سلمي ومزدهر وعادل للجميع”.
“أمر مروع”
نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد التي ألقت كلمة بالنيابة عن الأمين العام قالت إن “ذكرى هذا العام مؤلمة بشكل خاص، لأن الأهداف الأساسية بعيدة كل البعد”. وأكدت ألا شيء يبرر الهجمات المروعة التي شنتها حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر واحتجاز الرهائن، ولا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.
وأضافت: “بعد مرور أكثر من عام، تحولت غزة إلى خراب. إن الأزمة الإنسانية تتفاقم يوما بعد يوم. وهذا أمر مروع ولا يمكن تبريره”.
وقالت نائبة الأمين العام إن الوقت قد حان الوقت لوقف إطلاق النار الفوري والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وإنهاء الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية، وتحقيق التقدم الذي لا رجعة فيه نحو حل الدولتين بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع عيش إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب في سلام وأمن، وأن تكون القدس عاصمة لكلا الدولتين.
وأضافت أمينة محمد: “أناشد، على وجه السرعة، تقديم الدعم الكامل للإغاثة الإنسانية المنقذة للحياة للشعب الفلسطيني، وخاصة من خلال عمل وكالة الأونروا، التي تمثل شريان حياة لا يمكن تعويضه لملايين الفلسطينيين”.
دعوة لاتخاذ خطوات عملية وجذرية
بدوره، قال السفير رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة “نحيي اليوم ذكرى اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وشعبنا الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من أربعمائة يوم”.
وأشار منصور إلى أن المجتمع الدولي اعتمد هذا اليوم الدولي “لمساندة حقوق شعبنا وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وفي استقلال دولته”، الأمر الذي يقتضي اتخاذ خطوات عملية وجذرية لمواجهة المخاطر المحدقة بإمكانية تحقيق السلام العادل والشامل المستند للشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وقال: “إن تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على مدار الستة وسبعين عاما الماضية، والتعاون مع دولة الاحتلال بأنها دولة فوق القانون الدولي، وتوفير الحماية لها للإفلات من المساءلة والمحاسبة، وعليه من العقاب على جرائمها، بل وتقديم الدعم المالي والعسكري لها، شجعها على تحدي الشرعية الدولية والقانون الدولي والتمادي في عدوانيتها على كافة المستويات”.
وقال إن الطريق الوحيد لوقف التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة والحفاظ على الاستقرار والأمن والسلم الإقليميين والدوليين هو حل القضية الفلسطينية استنادا لقرارات الشرعية الدولية، والبدء الفوري بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2735، وتأمين وصول الاحتياجات الإنسانية إلى كامل قطاع غزة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها السيادية وإعادة النازحين لبيوتهم تمهيدا لإعادة الإعمار، ورفض ما وصفها بالمخططات الإسرائيلية لفصل غزة عن الضفة الغربية والقدس، أو الانتقاص من مسؤولية دولة فلسطين عنه.
دور مجلس الأمن
وتحدثت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة، باربرا وودورد بصفة بلادها رئيسة لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي، حيث أكدت أن المجلس يظل ملتزما بالكامل بالسعي إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط.
وقالت وودورد: “أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن الحل العادل والدائم والشامل، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا يمكن تحقيقه إلا بالوسائل السلمية”.
وشددت على أن المجتمع الدولي بحاجة إلى مضاعفة الجهود لدعم وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة الإنسانية الكارثية ورسم مسار لا رجعة فيه نحو تحقيق حل الدولتين.
وأشارت إلى أن المجلس على مدار العام الماضي ظل على اطلاع بالوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، واستمر في تلقي إحاطات شهرية من المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، وإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام، ومن الأمين العام نفسه، وعقد مناقشات مفتوحة على أساس ربع سنوي.
وأفادت بأن المجلس منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اعتمد أربعة قرارات وعدة بيانات استجابة للأزمة.
وشددت على أن “الوضع الراهن غير قابل للاستمرار”، مضيفة أن مجلس الأمن سيواصل متابعة الوضع في الشرق الأوسط عن كثب، بما في ذلك القضية الفلسطينية، لمواصلة تنفيذ قراراته ذات الصلة وتعزيز ودعم الجهود الرامية إلى تهيئة بيئة مواتية لتحقيق السلام والازدهار والأمن للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.
إرسال التعليق