أعضاء مجلس الأمن يحذرون من العواقب الإنسانية الوخيمة لأي محاولة لتفكيك الأونروا أو تقليص عملها
وفي بيان صحفي أصدروه اليوم الأربعاء، شدد أعضاء مجلس الأمن على أن الأونروا تظل العمود الفقري لجميع الاستجابات الإنسانية في غزة، وأنه لا يمكن لأي منظمة أن تحل محل أو تستبدل قدرة الأونروا وتفويضها لخدمة اللاجئين الفلسطينيين والمدنيين المحتاجين بشكل عاجل إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة.
وحذروا بشدة من أي محاولات لتفكيك أو تقليص عمليات الأونروا وتفويضها، مدركين أن أي انقطاع أو تعليق لعملها من شأنه أن يخلف عواقب إنسانية وخيمة على ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدمات الوكالة، فضلا عن الآثار المترتبة على المنطقة.
قلق بالغ
وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم البالغ إزاء التشريع الذي تبناه الكنيست الإسرائيلي بشأن الأونروا.
وفي هذا الصدد، حثوا الحكومة الإسرائيلية على الامتثال لالتزاماتها الدولية واحترام امتيازات وحصانات الأونروا والوفاء بمسؤولياتها في السماح بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بجميع أشكالها إلى قطاع غزة وفي جميع أنحائه بصورة كاملة وسريعة وآمنة بدون عوائق، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها السكان المدنيون بشدة.
وطالبوا جميع الأطراف بتمكين الأونروا من تنفيذ ولايتها، كما اعتمدتها الجمعية العامة، في جميع مناطق العمليات، مع الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، واحترام القانون الدولي الإنساني بما في ذلك حماية مرافق الأمم المتحدة والمرافق الإنسانية.
معالجة أي ادعاءات
وأبرز أعضاء مجلس الأمن نتائج مجموعة المراجعة المستقلة -برئاسة كاترين كولونا- للآليات والإجراءات لضمان التزام الأونروا بمبدأ الحياد الإنساني، ورحبوا بالتزام الأمين العام للأمم المتحدة والوكالة بتنفيذ توصياتها بالكامل ودعوا إلى التعجيل بتنفيذها، بما يتماشى مع التزام الأونروا بمبدأ الحياد.
وأحيط أعضاء مجلس الأمن علما بالتدابير المتخذة لإنهاء توظيف تسعة من موظفي الأونروا في أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وأكدوا على أهمية اتخاذ تدابير في الوقت المناسب لمعالجة أي ادعاءات ذات مصداقية وضمان المساءلة عن أي انتهاكات لسياسات الوكالة المتعلقة بمبدأ الحياد.
ودعا أعضاء المجلس جميع الأطراف إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة وتسهيلها، وفقا للقانون الدولي الإنساني.
وأعربوا عن تقديرهم لعمل موظفي الوكالة، بما في ذلك في ظل ظروف بالغة الصعوبة، في إطار الوفاء بولاية الوكالة، وأكدوا على أهمية ضمان استمرارية الخدمات الحيوية التي تقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين، وأقروا بجهود الدول الأعضاء لتعزيز دعمها للأونروا.
نداء من رئيس الجمعية العامة
بدوره، أعرب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ عن القلق العميق إزاء اعتماد الكنيست الإسرائيلي لقانونين من شأنهما، إذا ما تم تنفيذهما، أن يمنعا الأونروا من القيام بعملها الأساسي في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وأكد في بيان أصدره اليوم الأربعاء أن الأونروا التي أنشِئت بموجب تفويض مباشر من الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 302 -الصادر خلال الدورة الرابعة في 18 كانون الأول/ديسمبر 1949- تلعب دورا حاسما في توفير الحماية والمأوى والغذاء والمياه والرعاية الطبية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة ولبنان والأردن وسوريا.
وحذر من أن انهيار عمليات الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة نتيجة لهذين القانونين من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي بالفعل، مضيفا أن هذا أمر غير مقبول. وأشار إلى أن الأمين العام لفت انتباه الجمعية العامة إلى هذه المسألة، وهو ما يؤكد خطورة الوضع.
ودعا يانغ حكومة إسرائيل بشكل عاجل إلى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة والسماح للأونروا بمواصلة عملها الذي لا غنى عنه.
سابقة خطيرة
المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني قال في كلمته أمام الاجتماع رفيع المستوى “للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” في الرياض بالمملكة العربية السعودية إن “تصويت الكنيست ضد الأونروا هذا الأسبوع أمر شائن ويشكل سابقة خطيرة. وهو يمثل أحدث حلقة في حملة مستمرة لتشويه سمعة الأونروا ونزع الشرعية عن دورها في توفير التنمية البشرية والمساعدة للاجئي فلسطين”.
ولفت إلى أن هذه القوانين لا تستهدف الأونروا فحسب، بل هي أيضا ضد الفلسطينيين وتطلعاتهم، مضيفا أن “الآثار المترتبة على الاستقرار الإقليمي والسلام والأمن الدوليين هائلة”.
وقال إنه على مدار العام الماضي، اكتسبت جهود إنهاء إمكانية قيام الدولة الفلسطينية زخما رهيبا. وبذلك، تراجعت احتمالات تطبيق حل الدولتين تدريجيا. وقال المسؤول الأممي إن قطاع غزة دُمر بالكامل، وإنه في الوقت ذاته يستحوذ النزاع المتصاعد على الضفة الغربية المحتلة.
التضحية بجيل كامل
وأكد المفوض العام للأونروا أن الوكالة كانت على مدى 75 عاما “منارة أمل للاجئي فلسطين”. وقال لازاريني: “في انتظار حل سياسي عادل ودائم، عملت الأونروا لعقود من الزمن على منح لاجئي فلسطين حياة كريمة تستند على حصولهم على الحقوق الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية. لقد قمنا بتعليم أجيال من الطلاب، حقق العديد منهم نجاحا ملحوظا في المنطقة وحول العالم”.
وحذر من مخاطر التسبب في التضحية بجيل كامل من الأطفال في مختلف أنحاء غزة والضفة الغربية الآن، مضيفا أن “الفشل في إعادة 600 ألف طفل إلى الأمان النسبي لبيئة التعلم يعني التضحية بجيل كامل وزرع بذور الكراهية والتطرف في المستقبل”.
وتحدث عن الاستجابة الإنسانية التي تقوم بها الوكالة قائلا إن الاستجابة الإنسانية برمتها في غزة، والتي تعتمد على البنية التحتية للأونروا، على المحك.
هجمات مدفوعة سياسيا
ونبه المفوض العام للأونروا إلى أن الهجمات على الوكالة هي هجمات على النظام الأوسع القائم على القواعد الموروثة من الحرب العالمية الثانية، “وسوف تعمل على إضعاف نظامنا العالمي متعدد الأطراف”.
وقال: “إن الهجمات على الأونروا مدفوعة سياسيا بهدف الغاء وضع لاجئي فلسطين”. وشدد على أنه لا يمكن تقرير مستقبل لاجئي فلسطين خارج الإطار السياسي، متسائلا: “إذا كان من الممكن أن تنهار وكالة تابعة للأمم المتحدة تتمتع بتفويض من الجمعية العامة لأن دولة عضوة واحدة في الأمم المتحدة تتحدى النظام الدولي القائم على القواعد، فما الذي سيبقى قائما؟”.
دعوة لضمان الاستمرار
وجدد لازاريني التأكيد على أن حل الدولتين هو الإطار المتفق عليه دوليا، وأن الأونروا جزء لا يتجزأ من مرحلة انتقال ناجحة ومنصفة. ودعا المجتمعين إلى استخدام كل الأدوات السياسية والدبلوماسية والقانونية المتاحة لرفض محاولات إسرائيل لتفكيك الأونروا، وتهميش الأمم المتحدة، وتقويض التعددية، وهذا يعني ضرورة إلغاء مشاريع القوانين هذه، أو تعليق تطبيقها.
وطلب أيضا من المجتمعين حماية دور الأونروا اليوم وخلال الانتقال الطويل والمؤلم حتما بين مرحلة وقف إطلاق النار ومرحلة “اليوم التالي”.
وحث على تحديد مسار سياسي قابل للتطبيق نحو حل الدولتين، والذي من شأنه أن يحل في النهاية محنة لاجئي فلسطين، “وضمان استمرار الأونروا بالإيفاء بالدور الذي لا غنى عنه للاجئي فلسطين”.
إرسال التعليق