لماذا يسارع كثير من ملاك العقارات في بريطانيا إلى البيع؟

وأظهرت الأرقام الصادرة عن موقع القوائم العقارية  أن 18 بالمئة من المنازل المعروضة للبيع في سبتمبر كانت متاحة للإيجار سابقًا، وهي أعلى نسبة تم تسجيلها منذ بدء جمع البيانات في العام 2010.

في الشهر نفسه قبل 14 عامًا، كانت 8 بالمئة فقط من المنازل المدرجة للبيع قد سبق تأجيرها. وارتفعت النسبة إلى 15 بالمئة بحلول عام 2021 قبل أن تنخفض قليلاً قبل هذا العام.

ووفق التقرير، فقد أدت سلسلة من التغييرات الضريبية بالفعل إلى جعل امتلاك العقارات للاستثمار أقل ربحية، وربما دفع احتمال زيادة ضريبة الأرباح الرأسمالية الملاك إلى بيع عقاراتهم عاجلًا بدلًا من الانتظار.

تُفرض الضريبة على الأرباح من العقارات بنسبة تصل إلى 24 بالمئة، لكن هناك تكهنات بأن هذه النسبة قد ترتفع إلى 39 بالمئة في بيان الميزانية في 30 أكتوبر.

وقالت Rightmove إن هذه المخاوف، إلى جانب القواعد الأكثر صرامة على شهادات كفاءة الطاقة في المنازل المؤجرة، قد تحفز على زيادة المبيعات.

أما الملاك الذين لم يبيعوا عقاراتهم، فإنهم يحصلون على إيجارات قياسية. وأظهرت بيانات Rightmove أن متوسط الإيجارات في بريطانيا العظمى، باستثناء لندن، وصل إلى مستوى جديد بلغ 1,344 جنيهًا إسترلينيًا شهريًا للعقود الحالية، في حين بلغ هذا الرقم في لندن 2,694 جنيهًا إسترلينيًا.

أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أن متوسط الإيجارات الخاصة في المملكة المتحدة ارتفع بنسبة 8.4 بالمئة خلال 12 شهرًا حتى سبتمبر. ووضعت هذه البيانات متوسط الإيجار الشهري عند 1,336 جنيهًا إسترلينيًا في إنجلترا، و760 جنيهًا في ويلز، و973 جنيهًا في اسكتلندا. بينما لم يتم تقديم رقم خاص بأيرلندا الشمالية، لكن المكتب قال إن الإيجارات هناك زادت بنسبة 9.5 بالمئة.

ونقل التقرير عن رئيسة قسم التمويل الشخصي في Hargreaves Lansdown، سارة كولز ، قولها إن “التهديدات المتعلقة بالميزانية” ترفع من أسعار الإيجارات.

وأضافت: “في ظل استمرار خروج الملاك من السوق، يواجه المستأجرون معاناة مضاعفة تتمثل في التنافس على الخيارات المتاحة ودفع مبالغ باهظة مقابلها”.

وتابعت: “المخاوف من التغييرات المحتملة في ضريبة الأرباح الرأسمالية في الميزانية تدفع العديد من الملاك للبيع. هناك قلق من أن المعدل قد يرتفع أو قد يتم تغيير القاعدة التي تعني إعادة ضبط الضريبة عند الوفاة. بالفعل، يعتبر الاستثمار في العقارات واحدًا من أقل الطرق كفاءة من الناحية الضريبية، وأي تغيير قد يزيد من العقوبات على أولئك الذين يمتلكون عقارات استثمارية”.

أبرز الأسباب

من جانبه، قال الخبير العقاري البريطاني جوناثان رولاند، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” من لندن، إن هناك عدة أسباب تدفع الملاك للبيع بأعداد كبيرة في السوق العقارية البريطانية.

  • من أبرز هذه الأسباب هو بلوغ الأسعار أعلى مستوياتها على الإطلاق، مما يدفع العديد من الملاك إلى “تصفية ممتلكاتهم”.
  • كما أن اللوائح الجديدة التي تمنح المستأجرين مزيدًا من الحقوق أثارت قلقًا واسعًا بين الملاك، ما أدى إلى تسريع وتيرة البيع.

وأشار رولاند إلى أنه على الرغم من التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة على الرهون العقارية، إلا أنها لا تزال مرتفعة بالنسبة لما يطمح إليه الملاك، مما يجعل الأرباح من تأجير العقارات، خاصة إذا كانت مرهونة، ضئيلة أو معدومة.

وأكد أن النظام الضريبي الحالي يضعف أي دخل إضافي من العقارات، حيث لم يعد بالإمكان خصم فوائد الرهن العقاري كمصروف تجاري. وأوضح أن الحكومة ستعلن عن ميزانيتها في 30 أكتوبر، وهناك توقعات واسعة بزيادة الضرائب على أصحاب العمل، بالإضافة إلى زيادة ضريبة الأرباح الرأسمالية على من يبيعون عقارات استثمارية غير مخصصة للسكن الخاص.

الميزانية المرتقبة

ومن لندن أيضاً، قال الخبير الاقتصادي أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”،إن الأنباء المتوقعة من الميزانية المقبلة تمثل عاملاً رئيسياً في توجه العديد من ملاك العقارات نحو البيع.

وأوضح أن السوق العقارية البريطانية تشهد تحولاً تاريخياً، حيث تتضمن القوانين الجديدة زيادات في الضرائب على عمليات البيع والأرباح والخدمات، ما يضع مزيدًا من الضغوط على الملاك، بينما تصب هذه التغييرات في مصلحة المستأجرين.

وأشار إلى أن هذا التحول يأتي بعد فترة ازدهار كانت تصب لصالح الملاك.

وأضاف أن تزايد حالات إفلاس وكلاء العقارات في البلاد يعكس التحديات الصعبة التي تواجهها السوق العقارية، حيث تم تسجيل أدنى مستوى لمبيعات المنازل منذ أكثر من عشر سنوات، ما أثر بشكل سلبي على دخول هؤلاء الوكلاء.

وأشار إلى أن ارتفاع تكاليف الاقتراض لأعلى مستوى لها منذ 15 عامًا أثر بشكل كبير على نشاط الإيجارات والمبيعات على حد سواء. ويشعر المستثمرون بالقلق من أن السياسات التي ينتهجها حزب العمال لمعالجة نقص الإسكان قد تضر باستثماراتهم في المدى القريب.

وأوضح القاسم أن ارتفاع ضريبة مكاسب رأس المال يشكل دافعاً إضافياً للبيع، مشيراً إلى أن أسعار المنازل في بريطانيا شهدت زيادة عامة لأول مرة منذ عامين، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الصعودي، مما يدفع البعض لاستغلال هذه الفرصة للتصفية والبيع.

فئتان رئيسيتان

قال مصطفى رجب، عضو حزب العمال البريطاني، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن سكان المملكة المتحدة يتوزعون على فئتين فيما يخص العقارات. الفئة الأولى تمثل المواطنين الذين يشترون العقارات بغرض الإقامة فيها.

وأضاف أن الفئة الثانية تتكون من الأشخاص الذين يشترون العقارات بهدف الاستثمار، وذلك من خلال تأجيرها وتحقيق أرباح. هذه الفئة تحديدًا تشعر بالقلق من السياسات الضريبية التي اقترحها حزب العمال مؤخرًا، سواء كانت ضرائب تصاعدية أو على الأرباح.

وأشار رجب إلى أن هذه الفئة كانت تحقق أرباحًا كبيرة من تأجير العقارات، ولكن من المتوقع أن تشهد تراجعًا في المرحلة المقبلة، رغم تشجيع البنوك على تقديم قروض لتمويل شراء وتأجير العقارات.

إلا أن التوجه الحكومي الجديد، بقيادة حزب العمال، نحو فرض سياسات ضريبية على هذه الفئة، دفع العديد من ملاك العقارات للتفكير في بيع ممتلكاتهم قبل دخول هذه السياسات حيز التنفيذ.

زيادة الضرائب

في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أكد طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، أن التوجه الحالي لدى أصحاب العقارات في المملكة المتحدة لبيع كميات كبيرة من العقارات يرتبط بشكل مباشر بزيادة الضرائب المفروضة على المستثمرين.

وأضاف الرفاعي أن هذا العامل يعد السبب الرئيسي وراء ارتفاع حجم الصفقات العقارية، خاصة في لندن، إلى جانب مجموعة من العوامل الأخرى التي تسهم في هذا التوجه، بما في ذلك رغبة المستثمرين في تحقيق أرباح نتيجة الارتفاعات القياسية التي شهدتها العقارات في بريطانيا منذ أزمة كورونا، وهو ما يعد من بين الأسباب البارزة وراء زيادة صفقات البيع في الوقت الحالي، لا سيما في ظل فترة الاستقرار النسبي التي تشهدها الأسعار بعد تلك الموجة من الارتفاعات.


source

إرسال التعليق

قد يعجبك ايضا