الأمم المتحدة تجدد الدعوة لإطلاق سراح الموظفين المعتقلين في اليمن وتحذر من تأثير التصعيد في المنطقة

جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، صباح اليوم الثلاثاء، لبحث تطورات الوضع في اليمن.

وأشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ في إحاطته أمام المجلس إلى التصعيد العسكري في الشرق الأوسط المستمر منذ عام الذي لا يزال يتصاعد ويهدد بالخروج عن السيطرة، مضيفا “من المؤسف أن اليمن جزء من هذا التصعيد ويخاطر بالانجرار إليه أكثر”.

وأشار إلى مواصلة جماعة أنصار الله هجماتها على الشحن الدولي ومحاولاتها المتعددة لاستهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، والرد بغارات جوية بقيادة الولايات المتحدة على الهجمات على الشحن البحري المدني، والغارات الإسرائيلية على الحديدة.

وقال غروندبرغ: “إن هذه الدورة من الانتقام تجر اليمن إلى عمق الصراع الإقليمي، مما يعرض آماله في السلام والاستقرار للخطر. وعلاوة على ذلك، فإنها تصرف الانتباه عن الحاجة الملحة لمعالجة الأزمة الداخلية في اليمن”.

مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ أثناء تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن.

مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ أثناء تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن.

إنهاء حملة الاعتقالات

وأكد المبعوث الخاص لليمن أن اليمنيين يرون أن “مساحتهم للمشاركة الهادفة وبناء السلام تتعرض للهجوم، مع الاعتقالات التعسفية والتهديدات بالقتل والترهيب، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله”. ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفيا، بمن في ذلك 17 موظفا أمميا، أربعة منهم نساء واحدة منهن من فريقه، وإنهاء حملة الاعتقالات.

وأشار إلى أنه تحدث مؤخرا مع العديد من منظمات المجتمع المدني ومجموعات المرأة والناشطين وصناع السلام المحليين والذين أخبروه بمدى تأثرهم العميق بأحدث موجة من الاعتقالات التعسفية التي شنتها جماعة أنصار الله، مضيفا أن تلك الاعتقالات تهدف إلى “تشويه السمعة وخلق مناخ من الخوف وعدم الثقة”.

وقال غروندبرغ: “إن الإحالة الأخيرة لبعض المعتقلين إلى ما يسمى النيابة الجزائية تشكل ضربة أخرى لجهودنا الجماعية لبناء السلام والاستقرار في اليمن”.

“ليست مجرد تطلعات”

وشدد المسؤول الأممي على ضرورة التركيز على جعل السلام حقيقة واقعة، مضيفا أن “هذه ليست مجرد تطلعات”.

وأوضح أن الأدوات والعناصر اللازمة لإعداد الأرض لذلك موجودة بما فيها الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف تجاه وضع خارطة طريق، بما في ذلك وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، ومعالجة الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية والتحضير لعملية سياسية شاملة.

وأشار كذلك إلى الهدوء النسبي على الصعيد العسكري على الخطوط الأمامية، وأنهم على الصعيد الاقتصادي حددوا الخيارات على المستوى الفني ويعملون على إقناع الأطراف بأن التعاون في القضايا الاقتصادية هو السبيل الوحيد لتحقيق الجدوى الاقتصادية والاستقرار.

وتحدث أيضا عن “العبء الهائل الذي لا تزال المرأة اليمنية تتحمله في هذا الصراع”.

وأفاد بأن مكتبه بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة عقد مشاورات مع أكثر من 400 امرأة ورجل يمني تهدف إلى تحقيق الإدماج الهادف للمرأة في المفاوضات، ووضع الأساس لسلام أكثر شمولا واستدامة.

وختم غروندبرغ إحاطته بالتأكيد على أنه “على الرغم من الصراع الإقليمي الأوسع نطاقا، فإن السلام في اليمن لا يزال قابلا للتحقيق، ويجب أن نستمر في التركيز على جعل هذا حقيقة واقعة”.

نمط غير مقبول

جويس مسويا، القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، بدأت إحاطتها أمام المجلس بالمطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات غير الحكومية وأعضاء المجتمع المدني الذين اعتقلهم الحوثيون تعسفيا منذ يونيو/حزيران من هذا العام، فضلا عن الزملاء المعتقلين منذ عامي 2021 و2023.

وقالت مسويا: “إن توجيه اتهامات محتملة ضد زملائنا أمر غير مقبول. إن الاحتجاز التعسفي للعاملين في المجال الإنساني والاتهامات الكاذبة ضدهم لا يزال يعيق بشكل كبير قدرتنا على تقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن”.

وأشارت إلى أن الاعتقالات تعكس نمطا متزايدا وغير مقبول من الهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني في جميع أنحاء المنطقة.

وأكدت أنه بفضل المناصرة المستمرة، كان غالبية موظفي الأمم المتحدة المحتجزين على اتصال بعائلاتهم أو أقاربهم، وحصل أولئك الذين يحتاجون إلى الرعاية الصحية عليها.

جويس مسويا، القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية أثناء تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن بشأن اليمن.

جويس مسويا، القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية أثناء تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن بشأن اليمن.

التداعيات الإنسانية للتصعيد

القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية قدمت التعازي لأسر ما لا يقل عن 48 مهاجرا فقدوا حياتهم مؤخرا قبالة ساحل جيبوتي، مضيفة أن 57 شخصا كانوا على متن القارب في عداد المفقودين، وأن الأمم المتحدة تدعم السلطات في جيبوتي في عمليات البحث والإنقاذ، حيث تم حتى الآن إنقاذ 197 شخصا.

وقالت إن عام 2024 يمثل العام الأكثر دموية للمهاجرين الذين يعبرون البحر بين القرن الأفريقي واليمن.

وعن الوضع الإنساني في اليمن، قالت مسويا: “نحن قلقون للغاية بشأن التأثيرات المترتبة على الأزمة الإنسانية في اليمن بسبب الوضع المتدهور بسرعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. نحن منزعجون للغاية من الهجمات المستمرة التي تشن من اليمن وضده، والتي ألحقت أضرارا بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك البنية التحتية للطاقة والموانئ في الحديدة ورأس عيسى”.

وأشارت إلى أنه على خلفية التصعيد الإقليمي، استمر الوضع الإنساني في اليمن في التدهور، سواء من حيث الحجم أو الشدة، ويستمر الجوع في الازدياد.

وتحدثت عن انتشار الكوليرا حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 203 آلاف حالة مشتبه بها منذ آذار/مارس الماضي، وفقد أكثر من 720 شخصا حياتهم، وتشكل النساء والفتيات 53 في المائة من الحالات.

ظلال حريق كارثي

وقالت مسويا إن النداء الإنساني لليمن تلقى تمويلا بنسبة 41 في المائة من قيمته الإجمالية، مضيفة “ومع ذلك، تحتاج قطاعات الاستجابة الحرجة إلى تمويل إضافي عاجل. ويحتاج قطاع الأمن الغذائي بسرعة إلى 870 مليون دولار إضافية”.

وحذرت من أنه بدون ذلك، من المتوقع ألا يتلقى تسعة ملايين شخص في جميع أنحاء اليمن مساعدات غذائية طارئة في الربع الأخير من عام 2024. وشددت أيضا على أن التمويل طويل الأجل لبرامج العنف القائم على النوع الاجتماعي يشكل متطلبا بالغ الأهمية.

وأضافت أن هذا القطاع لا يزال يعاني من نقص التمويل المزمن، مع تأثيرات عميقة ودائمة على سلامة النساء والفتيات وكرامتهن وصحتهن العقلية. وقالت المسؤولة الأممية إن آمال اليمنيين في مستقبل أكثر إشراقا – مثل الكثيرين في الشرق الأوسط – “تخيم عليها ظلال حريق إقليمي كارثي محتمل”.

وأضافت أن “السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو مضاعفة الجهود من أجل تحقيق سلام مستدام”.

source

إرسال التعليق

قد يعجبك ايضا