الأمم المتحدة تواصل جهود دعم المتضررين من التصعيد في لبنان وتدعو إلى وقف إطلاق النار
وقالت منظمة الصحة العالمية إن ما يقرب من نصف مراكز الرعاية الصحية الأولية في المناطق المتضررة من الصراع قد أغلقت، إلى جانب خمسة مستشفيات أغلقت أبوابها “بسبب الأضرار الهيكلية الناجمة عن الهجمات المستمرة، مما زاد من الضغط على نظام الرعاية الصحية المنهك بالفعل”. هذا وقد أسفر العنف عن مقتل 94 من العاملين الصحيين أثناء أداء واجبهم.
كما حذرت المنظمة من تزايد خطر انتشار الأمراض المعدية في الملاجئ المكتظة، حيث يفتقر العديد من النازحين إلى الأدوية والإمدادات الأخرى والوصول إلى المياه النظيفة.
وفي مؤتمر صحفي عقده في نيويورك، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن العاملين الإنسانيين يواصلون دعم الاستجابة في لبنان – “على الرغم من التحديات المتزايدة، بما في ذلك انعدام الأمن وأوامر النزوح، والتي أجبرت بعض شركائنا على تقليص العمليات جنوب البلاد”. وعلى الرغم من ذلك، قال دوجاريك إن الوضع “يزداد سوءا”.
وأضاف: “نكرر – مجددا – أن أطراف النزاع يجب أن تتخذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والأعيان المدنية – سواء في الهجمات أو آثار الهجمات”.
التزام اليونيفيل
وفيما يتعلق بوضع قوات حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش على “اتصال دائم مع قائد قوة اليونيفيل، الجنرال أرولدو لاثارو”.
وأشار إلى أن دور الـيونيفيل ووجودها في جنوب لبنان مفوض من مجلس الأمن الدولي، مضيفا أن بعثة حفظ السلام ملتزمة بالحفاظ على قدرتها على دعم الحل الدبلوماسي على أساس قـرار مجلس الأمن رقم 1701، “الذي هو السبيل الوحيد للمضي قدما بالنسبة لنا”.
وكانت البعثة قد رصدت يوم الأحد 1557 حالة إطلاق نار عبر الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وهو “أعلى رقم في يوم واحد منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023”، وفقا للسيد دوجاريك. وقال إن 1441 مقذوفا انطلق من جنوب الخط الأزرق، وضربت في المقام الأول مناطق في القطاع الشرقي من منطقة عمليات اليونيفيل بجنوب لبنان، بينما تم إطلاق 116 مقذوفا على إسرائيل.
وقد أفادت التقارير بأن ضربة بطائرة مسيرة تابعة لحزب الله بالقرب من حيفا أسفرت عن مقتل 4 جنود إسرائيليين وإصابة عدد آخر، بينما قُتل أكثر من 30 شخصا في جنوب لبنان منذ 10 تشرين الأول/أكتوبر.
ومنذ بداية هذا الشهر، تأثرت مواقع اليونيفيل 20 مرة بأعمال العنف مما أدى إلى إصابة 5 من قوات حفظ السلام، بما في ذلك بالنيران المباشرة. ولمعالجة هذه القضايا، سيقدم وكيل الأمين العام لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، إحاطة لأعضاء مجلس الأمن في وقت لاحق اليوم خلال مشاورات مغلقة.
عدم يقين وقلق
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن عدم اليقين والقلق بشأن المستقبل يتجليان بوضوح في الوقت الراهن في لبنان، وشدد على الحاجة إلى وقف إطلاق النار “تدعمه عملية سلام ذات مغزى”، سواء بالنسبة للبنان أو غزة، باعتباره السبيل الوحيد “لكسر حلقة العنف والكراهية والبؤس”.
جاءت تعليقات السيد غراندي في افتتاح الدورة الخامسة والسبعين للجنة التنفيذية لبرنامج المفوض السامي في جنيف اليوم الاثنين بعد زيارته الأخيرة إلى سوريا ولبنان حيث تلقى مناشدات قوية من أجل السلام من السكان. وأشار المفوض السامي إلى أن وقف إطلاق النار من شأنه أن يسمح للنازحين في لبنان وشمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم ويوقف الامتداد “إلى حرب إقليمية كبرى ذات آثار عالمية”.
وقال السيد غراندي إن التمييز بين المدنيين والمقاتلين “أصبح بلا معنى تقريبا”، وأضاف: “لقد قيل لنا إن الحروب أصبحت أكثر ذكاء – بالتأكيد بالطرق التكتيكية، وفي توفير الأصول العسكرية؛ ولكن بالتأكيد الأمر ليس كذلك في تجنب الإصابات المدنية العشوائية والتسبب في الدمار والنزوح”.
وقال إن أنماط الصراع في لبنان وأوكرانيا وغزة والسودان وميانمار، تؤكد أن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني “تقلص إلى أدنى درجة من أوراق التين حيث يتم تدمير العيادات والمدارس إلى جانب آلاف الأرواح”.
وقال السيد غراندي إنه على الرغم من تضرر العديد من الموظفين في الوكالة الأممية وأسرهم من الأعمال العدائية، وفيما يتألمون لفقدان اثنين من زملائهم مؤخرا في لبنان، إلا أن المفوضية تواصل العمل مع السلطات اللبنانية وشركائها لتلبية احتياجات الجميع “بدون تمييز وعلى قدم المساواة، لأن الغارات الجوية لا ترحم أحدا، وبالتأكيد لا ترحم الشعب اللبناني، ولكن أيضا اللاجئين السوريين، الذين تم استضافتهم في لبنان لسنوات، والذين وجدوا أنفسهم مشردين مرة أخرى”.
اللجوء والعودة إلى سوريا
ووفقا للمفوضية السامية، فقد عبر 276 ألف شخص الحدود اللبنانية إلى سوريا حتى الآن، 70 في المائة منهم من السوريين العائدين إلى بلادهم. وقال: “إن عدم اليقين يخيم على حياة المدنيين العاديين في لبنان اليوم. من المؤكد أنه إذا استمرت الغارات الجوية، فسوف ينزح المزيد من الناس وسيقرر البعض أيضا الانتقال إلى بلدان أخرى”.
وقال إن المفوضية على تواصل مع الحكومة السورية لاستمرار ضمان سلامة وأمن جميع الوافدين، بما في ذلك السوريون العائدون، مشيرا إلى أن الوضع في البلاد هش للغاية وسط احتياجات هائلة. وأضاف: “إن إحراز تقدم على هذين المسارين أمر ملح لأن حركة العودة الحالية ناجمة عن حالة الطوارئ، ولكنها يمكن أن توفر أيضا عناصر مفيدة للمناقشات الجارية بشأن الحلول المستدامة للاجئين السوريين”.
تحسين ظروف النازحين
من جانبها، تساعد منظمة العمل الدولية أيضا في تحسين الظروف المعيشية في الملاجئ الجماعية للأسر النازحة وتوفير فرص العمل للمجتمعات المحلية التي تعيش بالقرب من تلك الملاجئ. وقالت المنظمة إن المبادرة ستركز في البداية على الملاجئ الواقعة في منطقة الدكوانة في العاصمة بيروت وفي مدينة طرابلس في الشمال.
وأكدت أن هناك خططا لتوسيع نطاق هذه المساهمة إلى ملاجئ ومناطق إضافية في جميع أنحاء لبنان. وستركز أعمال إعادة التأهيل الفورية في إطار البرنامج على تركيب ألواح تقسيم مؤقتة لإنشاء مساحات معيشية مخصصة، وإعادة تأهيل المطابخ والمرافق الصحية وشبكات تصريف مياه الصرف الصحي ومياه الأمطار، وتنظيف الملاجئ ومحيطها.
إرسال التعليق