اكتشاف علمي.. الدماغ يخزن 3 نسخ من كل ذكرى
12:36 م
الإثنين 26 أغسطس 2024
تتطور الذكريات طوال حياتنا، وتتغير مع الخبرات التي نكتسبها يوميا بالتعلم والتجربة كما تتأثر بسعينا الدائم بالحرص على تذكر أحداث بعينها. ثم تتدهور الذكريات مع تقدمنا في العمر.
في السابق، اعتقد العلماء أن هذا التحول كان نتيجة للتغيرات في الخلايا الدماغية التي تشفر الذاكرة في الأصل، وكانوا يعتقدون أن هذه الخلايا تخزن نسخة واحدة فقط من كل ذكرى في الدماغ. ومع ذلك، تشير الأبحاث الجديدة إلى أن هذا قد لا يكون صحيحًا.
وجد العلماء أنه في القوارض، يخزن الدماغ ما لا يقل عن 3 نسخ من ذاكرة معينة، ويشفرها في أماكن متعددة في المخ.
يتم تشفير هذه النسخ بواسطة مجموعات مختلفة من الخلايا العصبية في الحُصين، وهي منطقة دماغية مهمة للتعلم والذاكرة. تختلف النسخ من حيث وقت إنشائها ومدة استمرارها ومدى قابليتها للتعديل بمرور الوقت.
في الدراسة الجديدة التي نشرت في 16 أغسطس في مجلة ساينس، أظهر العلماء أنه عندما تقوم الفئران بتشفير ذكريات جديدة، فإنها أولاً تخلق ما يسمى بالخلايا العصبية المولودة مبكراً. هذه الخلايا العصبية مسؤولة عن تخزين نسخة طويلة الأمد من الذاكرة التي تكون ضعيفة في البداية ولكنها تصبح أقوى بمرور الوقت.
بعد ذلك تأتي الخلايا العصبية المتوسطة، وهي أكثر استقراراً، تليها الخلايا العصبية المولودة متأخراً والتي تقوم منذ البداية بتشفير نسخ قوية جداً من الذاكرة. ومع ذلك، تتلاشى هذه القوة بمرور الوقت.
كشف الباحثون عن هذه النتائج من خلال فحص نشاط مجموعات مختلفة من الخلايا العصبية في الحُصين بعد أن أكملت الفئران مهام الذاكرة المختلفة. تضمنت هذه المهام تعلم تجنب المواقف الضارة، مثل تلقي صدمة كهربائية في أقدامهم، قبل مواجهة نفس المهمة في وقت لاحق.
اقترح مؤلفو الدراسة أن الطريقة التي تعمل بها هذه المجموعات الثلاث من الخلايا العصبية على فترات زمنية مختلفة قد تساعد في تفسير كيفية تنظيم الدماغ للذكريات بمرور الوقت. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف تتفاعل هذه الخلايا العصبية بالضبط مع بعضها البعض لتسهيل ذلك، وفقًا لما قاله فلافيو دوناتو، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بجامعة بازل في سويسرا، لموقع لايف ساينس.
والمعروف أن الذكريات المخزنة بواسطة الخلايا العصبية المولودة في وقت متأخر كانت أكثر مرونة أو قابلة للتشكيل من تلك الموجودة في الخلايا العصبية المولودة مبكرًا، وفقًا لما وجده الفريق. يشير هذا إلى أنه في بداية تكوين الذاكرة – عندما تسود الخلايا العصبية المولودة مبكرًا – تظل المعلومات المخزنة مستقرة إلى حد ما بمرور الوقت، في حين أن الذكريات المخزنة لاحقًا تكون أكثر تشوهًا من خلال المعلومات الجديدة.
وقال دوناتو إنه إذا حدثت نفس الظاهرة عند البشر، فقد يؤدي هذا الاكتشاف يومًا ما إلى تطوير علاجات جديدة لاضطرابات معينة. على سبيل المثال، في اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، يعاني الناس من ذكريات تداخلية، أي ذكريات غير مرغوب فيها ومؤلمة لحدث صادم. ربما يمكن تصميم دواء ينشط بشكل تفضيلي الخلايا العصبية المولودة في وقت متأخر، والتي تكون أكثر مرونة وبالتالي أكثر تقبلاً للعلاج النفسي.
وفي حالة الأشخاص الذين يعانون من فقدان الذاكرة بسبب الخرف، من الممكن أن يحفز نوع آخر من العقاقير نشاط الخلايا العصبية التي تولد مبكراً، والتي تخزن بياناتها بشكل أكثر صرامة. وبصورة عامة، فإن مثل هذه العلاجات من شأنها أن تتلاعب بخصائص الذاكرة من خلال اختيار نوع الخلية العصبية المستخدمة لترميزها في الدماغ، كما أوضح دوناتو.
وقال دوناتو: “أشعر وكأننا لدينا الآن نقاط دخول بيولوجية لتعديل مرونة الذاكرة بطريقة قد تسمح لنا بدفعها نحو أن تكون أكثر أو أقل مرونة، من أجل الحفاظ عليها أو إعادة كتابتها بشكل أساسي”.
إرسال التعليق