منسق عملية السلام يحذر من "تصعيد لا يمكن السيطرة عليه" ويؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة
جاء ذلك خلال تقديمه إحاطة، عبر الفيديو، لمجلس الأمن الدولي صباح اليوم الخميس، بشأن الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية.
ونبه منسق عملية السلام إلى “إننا نمر الآن بنقطة تحول في الشرق الأوسط” بعد أكثر من 300 يوم من الحرب في غزة، مؤكدا أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة أمر ضروري الآن من أجل السلام والأمن الإقليميين.
وحذر من أنه إذا بقيت أي من هذه القضايا دون حل، فإن “آفاق تحقيق منطقة أكثر استقرارا وسلاما وأمنا سوف تظل بعيدة المنال”. وأوضح تور وينسلاند أنه واصل التأكيد على ضرورة خفض التصعيد الإقليمي خلال المناقشات مع الأطراف المعنية ودول المنطقة، بما فيها لبنان ومصر وقطر.
وأشاد بالوسطاء ــ مصر وقطر والولايات المتحدة ــ لجهودهم الدؤوبة المستمرة في الدوحة والقاهرة هذا الأسبوع. وحث الأطراف على التوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة، مؤكدا أنه “ليس هناك وقت لنضيعه”.
وقال تور وينسلاند إن الأمم المتحدة تظل ملتزمة ومستعدة لزيادة المساعدات الإنسانية خلال وقف إطلاق النار ودعم تنفيذ الاتفاق، مؤكدا أن “وقف إطلاق النار المستدام وحده الكفيل بأن يتيح الاستجابة الإنسانية الشاملة والتعافي المبكر في غزة”.
“برميل بارود”
وقال تور وينسلاند إن الحرب في غزة تواصل إيقاع خسائر فادحة في الأرواح البشرية، مشيرا إلى مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني وأكثر من 1,600 إسرائيلي ومواطن أجنبي، بعد أكثر من عشرة أشهر من الحرب.
أما الوضع في الضفة الغربية المحتلة فهو بمثابة “برميل بارود”، وفقا للمنسق الأممي، مشيرا إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية تواصل تنفيذ عمليات واسعة النطاق في المنطقة (أ)، بما في ذلك استهداف حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني وجماعات مسلحة أخرى في مخيمات اللاجئين المكتظة بالسكان والمراكز الحضرية الفلسطينية. “وكثيرا ما تؤدي هذه العمليات إلى تبادل إطلاق نار مميت مع هذه الجماعات بالإضافة إلى قتل أو إصابة المارة”.
وأضاف أن الهجمات المميتة التي يشنها المسلحون الفلسطينيون على الإسرائيليين في الضفة الغربية وإسرائيل تواصلت. وشدد على ضرورة أن تتوقف أعمال العنف إذا كنا نريد منع تصعيد آخر.
وأشار منسق عملية السلام إلى أن الحرب في غزة والوضع المتدهور في الضفة الغربية المحتلة يستمران في سياق التوترات الإقليمية الأوسع نطاقا. فعبر الخط الأزرق وخارجه، يستمر تكثيف التبادلات (المسلحة) بين إسرائيل وحزب الله، وفي المنطقة الأوسع، أدت العديد من الأحداث المميتة إلى تفاقم التوترات في المنطقة، حسبما قال.
واختتم وينسلاند كلمته بالقول إن الطريق الوحيد للخروج من هذه الدوائر المفرغة من اليأس يتمثل في الأفق السياسي الذي ينهي الاحتلال ويحقق حل الدولتين. وأكد أن الأمم المتحدة ستواصل دعم كل الجهود لتحقيق هذا الهدف.
“أطفال غزة تحت القصف والموت والحصار”
متحدثة، عبر الفيديو، من دير البلح في غزة، قالت لويزا باكستر التي تعمل طبيبة في وحدة الطوارئ الصحية التابعة لمنظمة إنقاذ الطفولة إن أطفال غزة تحملوا – على مدى 320 يوما – القصف المتواصل، والموت والتشريد والحصار.
وقالت إنه وفقا لوزارة الصحة في غزة، فقد قُتل أكثر من 1% من إجمالي عدد الأطفال في غزة- أي 14 ألف طفل – “ومن المرجح أن يكون هذا التقدير أقل كثيرا من الواقع، حيث لم يتم تحديث الرقم منذ شهر أيار/مايو. ولا تزال جثث ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، كثير منهم من الأطفال، مفقودة”.
وقالت إن الفرق الطبية التابعة للمنظمة عاينت أكثر من 13 ألف شخص في عيادة المنظمة في دير البلح. “وقد ظهرت على الأطفال الذين نعالجهم علامات الصدمة العميقة. كما تفاقمت أمراض الطفولة الشائعة بسبب سوء التغذية ونقص المياه وغياب الأدوية البسيطة. كما منعت حكومة إسرائيل (دخول) إمدادات المضادات الحيوية ومسكنات الألم وحتى الثلاجات لحفظ اللقاحات”.
وأضافت قائلة: “نشهد عرقلة متعمدة ومتكررة للمساعدات الإنسانية في غزة. ظل فريقي ينتظر الأدوية المنقذة للحياة لمدة أربعة أشهر. وهي محتجزة في المعابر بموجب قواعد وقيود متعددة، وكثير منها غير مكتوبة وتعسفية”.
كارثة تلوح في الأفق: شلل الأطفال
وفقا للطبيبة لويزا باكستر، فقد تأكد الآن تفشي مرض شلل الأطفال في غزة، مشيرة إلى أن الحالة الأولى المؤكدة هي لطفل يبلغ من العمر عشرة أشهر في دير البلح ـ ووصفت ذلك بأنه “بمثابة مأساة فردية، وإشارة إلى كارثة أكبر تلوح في الأفق”.
وحذرت من أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية على الفور، فإن تفشي شلل الأطفال لن يكون كارثة بالنسبة لأطفال غزة فحسب، بل قد يؤدي أيضا إلى تراجع كبير في جهود القضاء عليه على مستوى العالم.
ومضت قائلة: “شلل الأطفال في أي مكان هو تهديد للأطفال في كل مكان. وفي الوقت الذي نتحدث فيه، ينتشر شلل الأطفال في غزة، ولن ينتظر عند بوابة التفتيش في معبر كرم أبو سالم أو مكتب الجمارك في مطار بن غوريون”.
وللاستجابة بفعالية لتفشي شلل الأطفال في غزة، قالت لويزا باكستر إنه يتعين البدء فورا في الوقف المستمر للأعمال العدائية، لا تقل مدته عن أسبوع لكل مرحلة.
وقالت إن هذا الإطار الزمني يفترض أن تتوقف كافة الهجمات على العاملين في المجال الإنساني والطبي الآن وبشكل دائم. “ولابد وأن تتمكن جماعات الإغاثة من التحرك عبر غزة دون عوائق. ولابد وأن يتمكن الناس من اصطحاب أطفالهم إلى نقاط التطعيم بأمان”.
وأوضحت أنه بغض النظر عن حالة وقف إطلاق النار، “فإن الوصول الإنساني الكامل دون عوائق إلى قطاع غزة وداخله أمر ضروري لجميع الإمدادات الإنسانية والعاملين”.
تعرض للعنف في الاحتجاز
من ناحية أخرى، قالت لويزا باكستر إن فرق الحماية التابعة لمنظمة إنقاذ الطفولة في غزة تعمل مع الأطفال المفرج عنهم من الاحتجاز العسكري الإسرائيلي، مشيرة إلى أن هؤلاء الأطفال أفادوا بتعرضهم “للعنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب”.
“وأفادوا بحرمانهم من الطعام، والضرب، والهجوم بواسطة الكلاب. ويذكرون أنهم شاهدوا أولياء أمورهم وهم يُجردون من ملابسهم ويتعرضون للضرب أمامهم. ويكافح هؤلاء الأطفال للتعامل مع الصدمة العميقة والأذى النفسي والجسدي الذي تسبب فيه ذلك. ولا يزال هناك رهائن إسرائيليون في غزة، ومن المقلق أنه لا يعرف الكثير عن مكان وجودهم أو معاملتهم”.
واختتمت حديثها بالقول: “لقد خذلنا أطفال غزة بشكل جماعي لمدة 320 يوما. أطلب من هذا المجلس ودوله الأعضاء، بصفتها الوطنية، أن يتخذوا إجراءات فورية وحاسمة. نترك هذا الأمر بين أيديكم”.
فلسطين
رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة قال إن غزة ظلت خالية من شلل الأطفال على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية.
وأوضح أن غزة لا تحتاج إلى المزيد من الشلل والموت “أولا بالقنابل والرصاص – والآن بالمجاعة والمرض اللذين يرعاهما الاحتلال”، مضيفا أن “غزة شهدت تدمير الحياة. وهي بحاجة إلى استعادة الحياة، وهي بحاجة إليها الآن”.
وأعلن السفير الفلسطيني دعمه الكامل لاقتراح الأمين العام بإجراء حملة تطعيم عاجلة لوقف انتشار هذا المرض، محذرا من أن أي عرقلة لهذه الجهود “ستكون بمثابة دليل إضافي على نية إسرائيل بالإبادة الجماعية وأفعالها ضد شعبنا”.
كما شاطر السفير الفلسطيني الأمين العام تقييمه بأن “اللقاح النهائي لشلل الأطفال يكمن في السلام ووقف إطلاق النار الإنساني فورا”.
إسرائيل
متحدثا في جلسة مجلس الأمن، قال المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون إن الحرب في غزة فُرضت على بلاده التي قال إنها “لا تقتل المدنيين عن عمد”.
ونفى حدوث مجاعة في غزة، قائلا إن إسرائيل، ومنذ بداية الحرب، سهلت دخول “أكثر من 14,000 شاحنة مساعدات تشمل أكثر من 700,000 طن من الغذاء”. وقال إن حكومة بلاده تواصل العمل مع الشركاء لمعالجة الاحتياجات الطبية في غزة.
وأوضح أنه خلال الفترة بين 23 كانون الأول/ديسمبر و24 كانون الثاني/يناير تم “تسليم لقاحات ضد شلل الأطفال تكفي لأكثر من مليوني شخص في غزة”.
وقال إنه تم تطعيم “ما بين 95 إلى 99 % من سكان غزة بالفعل”، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. وقال السفير الإسرائيلي إنه “بينما نتحدث، يجري إطلاق حملة تطعيم شاملة أخرى للأطفال دون سن 10 سنوات”.
وأضاف دانون قائلا: “حماس تعلم أن التسبب في سقوط ضحايا من المدنيين وحرمان شعبها من الطعام سيولد غضبا شعبيا، لذلك هذا ما يفعلونه وهم جيدون للغاية فيه. فهم يعرضون المدنيين للخطر ويحرمونهم من المساعدات”.
إرسال التعليق