شبكات المواصلات العامة "مفتاح المدن النظيفة"
انتهت دراسة حديثة إلى أن شبكات النقل الفعالة في المدن يمكن أن تشجع المواطنين على ترك سياراتهم، وتوفر وسيلة أكثر فعالية من حيث التكلفة لحل مشكلة التغير المناخي.
ووفقا لحسابات الدراسة، فإن الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل في المدن قد تتراجع إلى أكثر من النصف بحلول عام 2050 وهو ما سيوفر على الاقتصادات في العالم ما يزيد عن 100 تريليون دولار أمريكي.
وجاء في تقرير يتضمن نتائج الدراسة أن شبكات وسائل المواصلات بالمدن ستساهم في حماية حوالي 1.4 مليون شخص سنويا من الوفاة المبكرة.
ونُشر التقرير في مؤتمر الأمم المتحدة للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة، والذي جاء قبل انعقاد قمة المناخ، المقرر الأسبوع القادم، برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
والنتائج الواردة في التقرير هي خلاصة دراسة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا ومعهد سياسات النقل والتنمية.
“خيارات أنظف”
وقال مايكل ريبلوغل، المدير الإداري بمعهد سياسات النقل والتنمية وأحد المشاركين في إجراء الدراسة : “أحد الوسائل الأرخص، لكنها مهملة، للتغلب على الانبعاثات الناتجة عن النشاط الإنساني هي تمكين الناس من أن يكون لديهم خيارات أنظف للانتقال في المناطق الحضرية”.
وأضاف :”وسائل المواصلات، المدفوعة بالنمو السريع في استخدام السيارات، هي أسرع المصادر نموا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.”
وأشار ريبلوغل إلى أنه “بينما يجب أن يكون كل جزء من الاقتصاد العالمي أكثر التزاما بالحفاظ على البيئة، فإن جعل الازدحام المروري في مدن العالم أكثر نظافة يطرح أقل المشكلات ويحقق أكبر المكاسب”.
ويقدم التقرير رؤية حول إمكانية تحقيق هذا من خلال سيناريو مغاير تماما، يتخيل وجود عدد أكبر من الركاب يسافرون في المدن باستخدام وسائل نقل عام نظيفة ووسائل نقل بدون محركات، مثل الدراجات الهوائية، أو السير على الأقدام.
رؤية 2050
ويشير السيناريو المقترح إلى أهمية خفض معدلات إنشاء الطرق وأماكن انتظار السيارات وغيرها من الوسائل التي يعتبرها معدو الدراسة مشجعة على امتلاك السيارات الخاصة.
وذكر التقرير أيضا أنه بدون تغيير السياسات والاستثمارات فإن الزيادة السريعة في المناطق الحضرية، ستؤدي إلى مضاعفة معدل الانبعاثات من وسائل المواصلات في المدن بحلول 2050، مقارنة بما كان عليه في عام 2010.
وأوضح ريبلوغل أن الازدحام المروري الذي نراه اليوم سيصبح أكبر وسيتسبب في الوقوف في المرور لعدد أكثر من الساعات، مؤكدا أن هذا الازدحام سيؤثر سلبا على الأنشطة الاقتصادية للدول، لأن الناس سيتأخرون عن موعد العمل أو الاجتماعات.
وقال ريبلوغل لـ بي بي سي :”سيقضي الناس ساعات أطول في وسائل المواصلات، التي ستكون فائدتها أقل بكثير.”
وأضاف هناك إشارات إلى أن واضعي السياسات ومخططي المدن يتجهون إلى تبني رؤية للمستقبل “تعكس درجة عالية من التغيير.”
على سبيل المثال، فإن المدن، التي أعادت تخطيط الشوارع لإنشاء شبكات نقل سريع بالحافلات على الطراز العالمي، بها الكثير من الأماكن الجيدة للمشي وركوب الدراجات، والتي ساعدت في تغيير طرق الناس في السفر، وبتكلفة أقل كثيرا.
“جمود”
وتابع المدير الإداري بمعهد سياسات النقل والتنمية :”مواطنو الطبقة المتوسطة يستخدمون الآن وسائل النقل العام أو الدراجات العامة بصورة متزايدة، بدلا من السيارات، أما الطبقة الأقل فلديها القدرة على التنقل أفضل بدون سيارات.. الجميع يستفيد من عدم هدر الساعات في المرور.”
ويرى أيضا أن الجمود في تفكير الزعماء السياسيين وصانعي القرار هو أحد العقبات الرئيسية أمام التحول إلى أنظمة نقل عامة أكثر فعالية.
ويشير إلى أن هناك فعليا تريليونات الدولارات من رؤوس الأموال الاستثمارية تنتظر الفرص الجيدة للاستثمار في وسائل المواصلات العامة.
وذكر أن ما نريده أن تعمل الحكومات مع بنوك التنمية والمؤسسات الأخرى للمساعدة في تنفيذ مشروعات تخصص أماكن بالشوارع لصالح وسائل المواصلات العامة، والدراجات والسير على الأقدام أيضا.
ويعتقد ريبلوغل أنه “على عكس استراتيجيات الطاقة التي تتطلب استثمارا في تكنولوجيات أكثر تكلفة، فإن هذا النوع من الاستثمارات (الخاصة باعادة تخطيط الشوارع) يتطلب ببساطة الاستثمار في شبكات نقل عام أفضل وجعل الشوارع أكثر أمنا للسير على الأقدام وقيادة الدراجات”.
إرسال التعليق