الزواج خطوة بخطوة
نستأنف أعزائي القراء سلسلة مقالاتنا والتي بعنوان (الزواج خطوة بخطوة)، نستأنف الحديث عن الخطبة بما أنها الخطوة الأولى وأول حجر أساس في مشروع الزواج, راسمين بقية الخطوط العريضة التي يتوجب علينا التشبث بها قدر المستطاع
للحصول على زواج ناجح,وكنا قد تحدثنا في المقالة السابقة عن الخطبة من حيث المفهوم والضوابط والأسس, وقد أشرنا إلى بعض الملحوظات والنصائح التي يتوجب على كل خاطبٍ مقبلاً على الزواج أن يتخذها.
كما أننا سلطنا الضوء على بعض الثغرات التي تقع فيها العائلات, فتخلف ورائها مشكلات يتصاعد دخانها لسبع سموات !
واليوم سنتحدث عن مسألة كنت قد أشرت إليها في مقالة بعنوان(أيهما الأفضل؟) عن مسألة العرف وكيف أنه يفرض أموراً تضع الناس في حرج وعناء,فكانت هناك إشارة في الخطبة والآن حان الوقت لشرحها تفصيلاً.
مسألة “المهر” أو الهدية المتمثلة في الذهب وغيره،ولمن الحق فيها بعد فسخ الخطبة؟، أما في مناطق كثيرة -ولا أعمم -يقولون أن العرف يحكم على من بدأ بفسخ الخطبة بأن يتنازل ويترك كل ما أتى به من ذهب أو هدايا!،والصحيح أن الفتاة لا تستحق أي من ذلك المهر أو الذهب ما لم يتم العقد عليها بكل شروط العقد الصحيح،فالخطبة كما أسلفنا ذكره ما هي إلا مجرد اتفاق ووعد بين طرفين على الزواج، وليس لأحدهما حقاً على الآخر سوى ألا تُخطب الفتاة لغير الخاطب،وأن يعاملها هو معاملة طيبة،وليست هناك أي حقوقاً عدا ذلك،لذلك لا أرى أنه من المنصف إجبار الخاطب على ترك ما أهداه لخطيبته من الذهب لمجرد أنهم لم يتفقا في طباعهما أو فكرهما!,هذا من الممكن أن يجعل الشاب يخشى أن يفقد ما أنفق،فيبدأ في التمادي في أذى الفتاة حتى تعلن هي استسلامها فتتنازل وتبدأ في الفسخ وحينها يكون قد خرج فائزاً من المنافسة!،نعم هي كذلك أصبحت منافسة أو معركة كل يسعى للانتصار على الآخر!! حقاً منطق عجيب.
يجب ألا نُثقل على الشباب من الجنسين سواء ذكوراً كانوا أم إناثاً،فكل منهما يحاول جاهداً بناء نفسه والعمل بكد كي يحقق ما يمكِّنه من الزواج،فمن باب أولى ألا نزيدهم ضغطاً فوق ضغوطهم،يجب أن نُيسر الحلال كي يتلاشى الخبث والحرام،وطالما الزواج صعباً هكذا سنجد الشباب من الجنسين يتطرقون لطرق أسهل من وجهة نظهرهم ومع الأسف غير سوية لتُشبع رغباتهم ,والتي بدورها تحطم وتؤثر على الفرد نفسياً وجسدياً وعقلياً, فتجده غير منتجٍ متكاسل محطم وهذا مع الأسف ما نعانيه الآن في مجتمعنا,وهذا ما يلعب عليه الغرب في توفير السبل التي تشبع رغبات الفرد توهماً منه إشباعاً مؤقتاً ,وهي في الحقيقة تدمر دماراً بيِّن،ووجدوا منا ما يشجعهم على ذلك لأن مجمعنا يتنافس على المهور الغالية العالية لكي يقولوا ابنة فلان دُفع لها كذا وكذا,إنه التفاخر الذي أودى بنا إلى الهاوية.
نحن نضحك على أنفسنا ونحن لا نشعر,حب التظاهر,حب التملك,حب الشعور بالانتصار،العناد والكبر،كل هذه الصفات تتصارع لإثبات ذاتها في مراحل الزواج وفي النهاية -حتى لو كان الشاب قادراً على الزواج- لا يتم الزواج،فيتحطم كل منهما ،وتبدأ فكرة الزواج تتلاشى عند الطرفين،قس على ذلك آلاف الأمثلة,ومن ثم انتشار العزوبية,ونشر فكرة أن الزواج مسألة فاشلة للأجيال الصاعدة الشابة!
أيها الآباء أقولها وللمرة المليون فتاتكم ليست “جارية” في السوق تنتظرون من يدفع أكثر لبيعها ولا تبالون بمن سيشتريها هل سيحفظها أم لا!، وكفاكم تشبثاً بمبدأ ابنتنا غالية فلن نهديها لأحد سوى الذي سيدفع ما يناسبها ويُثقلها بالذهب والمال!،فماذا لو كان الشاب ناجحاً طموحاً ذو خلق حسن يتمنى العيش مع ابنتكم وقد تم رفضه لأنه لم يصل للمبلغ المراد منكم ؟ فأتى آخر ماكراً لا خلق له ولكن لديه المال ودفع لك ما أردت وأهان ابنتك لاحقاً؟!،أو جدت في الأمور أموراً وقد خسر ذاك الغني ما جنى من أموال في لحظة؟هل ستطلقونها منه؟!،والآخر ازداد غناً ورخاء!،الغنى غنى النفس, والمال يأتي ويذهب ولا يدوم سوى المعدن والطباع،فلا تجعلوا الأموال ومن يدفع أكثر هي غايتكم،ويسروا الزواج كي ننتشل الشباب من أعاصير الحرام والتغيب والتي تحطم أي جميل تراه في طريقها إلى الطريق السوي السليم.
إرسال التعليق