أيهما الأفضل؟
هناك ظاهرة ليست حديثة العهد بل هي موجودة منذ زمن بعيد تتوارث أجيالاً بعد جيل،وكعادتنا كمصريين نسير مع التيار ولا نبدي أي اعتراض أو جزع من أي شيئ يزعقنا أو يزيد العبء على عاتقنا خوفاً من قول أحدهم الكلام اللاذع في حقنا لمجرد أننا اختلفنا بعض الشيئ في رأيي, وإن كان في سيري مع التيار الضرر النفسي والمادي والجسدي لي!
مشكلتنا والتي قد نويت التوقف بصددها أننا لا نأخذ الأمور في نطاق العقلية،بل نأخذها في نطاق المظاهر ونشوة قيل وقال،فيصب ذلك البلاء الأسود فوق رؤسنا،بلاء الحرج والعناء والكد والتعب ,وفي مقالتنا سنتحدث عن عنصرين مهمين نود مناقشتهم للوقوف على الأفضل بينهم للمصلحة العامة مع الأخذ به وهما( الشرع – والعرف).
العرف باختصار من وجهة نظري المتواضعة هو: بعض الأمور أو العادات والتقاليد المتفق عليها من قِبل أهلها – سواء عن اقتناع أو غير اقتناع- في قرية ما أو بلد ما.
أمرتنا الشريعة الإسلامية بالأخذ بالعرف ،ولكن لم تأمرنا بالأخذ به متغافلين عن حكم الشرع والشريعة في بعض القضايا التي يتوقف إزائها العرف وقفة كاشفة عورة أصحابها أمام الجمع دون رحمة،وخاصة لو كان العرف بغير منطقية وعقلية ويفرض بعض الأمور التي تفرض الحرج والضيق على الناس حينها العرف لم يلبي طلب الناس ولم يواكب الشريعة الإسلامية التي نزلت في الأساس لرفع الحرج والعناء عن الناس،حينها بلا شك تتناطح الشريعة والشرع أيُّنا يُؤخَذ به؟! والأسوء أن الناس يكونون في حيرة من أمرهم ،أنأخذ بالشرع والذي يرفع عني الحرج والذي ينص على أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها وأن يصنع ما تمكنت قدرته من صنعه؟،ام يأخذ بالعرف الذي في أغلب أموره وتكاد تكون جميعها تضع الفرد في ضيق وحرج ولكن لا مجال للإعراض خشية حديث الناس والذي في أصله لا يطول زمنه عن يومٍ في الحديث, فيتحمل البلاء والحمل فوق رأسه إلى أجلٍ مسمى ،أما عن الناس فقد نسوا أو تناسوا الشرع وحكمه في بعض القضايا وأخذوا منهجاً يتطرق بنا لأمور أسوء تبنى تباعاً على ما بدأوه,ولكي لا يكون الحديث غامضاً,بالمثال يتضح المقال وهيا بنا نأخذ مثالاً.
(الزواج والخطبة) في العرف الآن ومنذ مدة كبيرة يقولون من يأخذ قرار الانفصال في مرحلة الخطبة يترك كل شيء أتى به سواء أن كانت الفتاة أم الشاب!
ومن وجهة نظري وما سمعته من عدة تجارب اتضح أن المسألة تكاد تكون مصيرية وهي فقط في مراحل الخطبة،وبعد تأملاً ملياً في القضية اتضح لي بعد الأمور التي وصلنا لها دون شعور لأي سبب يحدث هذا!,كيف ذلك؟أقول..
دعونا نتفق أولاً أن الشرع ورأيه في الخطبة أنها فقط مجرد اتفاق على الزواج وأنه يجوز فسخ الخطبة واسترداد كل منهما ممتلكاته,لأنها بذلك لا تستحق أي شيء منها وخاصة “الذهب” فهي لا تستحق منه شيئاً ما لم يتم العقد على الفتاة.فأصبح الشاب والفتاة هنا كل منهما في صراع لمن سيكون النفس الأطول للبقاء على موقفه ما إن يرغبا في الإنفصال،فيبدأ كل طرفٍ بجعل الآخر في كدر وتعكير صفوٍ ومشاق حتى يبادر هو بالإنفصال فيفوز الآخر بالغنيمة! هنا أصبح عندنا طرفان متضرران والشرع يقول لا ضرر ولا ضرار.
والمسألة الأخرى الأكثر خطورة والمترتبة على ما سبق ذكره أن الشاب يقول في نفسه(بدلاً من خوض تجربة أخرى وتفشل فأخرج خاسراً ما جنيته من أموال بعد عناء سأتعرف على الفتاة أولاً دون خطبة وأقضي معها الأوقات المديدة كي يتبين لي طباعها وأعرفها أكثر حينها سيتبين إن كان علي أن أكمل أو لا حينها سأضمن عدم ضياع أموالي مرة اخرى) فأصبحت الفتاة هنا كدمية في يد الشاب،فتتعلق الفتاة بالشاب مثلاً وهو لأي سبب ما تركها,فخلف وراءه قلباً منكسراً لن يُفكر في دخول علاقة مرة أخرى،وستبدأ حينها الاضطرابات تجاه مسألة الزواج من الطرفين الشاب والفتاة.
كما أن هناك من يستخدم مسألة العرف تجاه ترك الهدايا والذهب ما إن يتخذ الطرف الأخر قرار الإنفصال،فنرى الفتايات يتم خطبتهن ثم تأخذ الذهب والهدايا,وبعد مدة وجيزة تبدأ برسم دائرة شائكة تضيق على خاطبها شيئاً فشيئاً كي ينتهي به المطاف في النهاية إلى الجملة الشهيرة (كل شيء قسمة ونصيب) كما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف تاركاً كل ما اشترى متمثلاً في الأموال,هنا أيضاً ضرر.
بهذا المنطلق من العرف نحن لا نبني بل نزيد الأمر سوء،والحجة التي تجعل أصحاب هؤلاء العرف في راحة نفسية عن رأيهم يقولون(الشاب يظل داخلا خارجاً في بيت نسبه ويخرج مع الفتاة هنا وهناك ويأتي بعدها يقول لن أكمل ,لذلك كان لزاماً أن نفرض عليه ترك كل ما اشترى من هدايا وذهب)ومحل التساؤل والجدل هنا , أليس الخروج مع الفتاة والدخول والخروج من وإلى المنزل كان بإذن أبويها وكانوا على علمٍ بوضعهم،بل وكانوا يتركونهما على انفراد تام دون أي رقيب عليهم بحجة التعارف,أن يتعرفا على بعضهما،مع ضرورة الإقرار أن ذلك مخالفاً للشريعة لأن الفتاة مازالت أجنبية عنه,ولا تجوز الخلوة الصحيحة بينهم,فلماذا ساء الأمر لمجرد أنه وجد أنهم ليسوا على وفاق!
لا أنحاز لطائفة على أخرى ولكن الأمر نفسه غريب،لا نتائج إيجابية فيه،فكما الآن أصبح الزواج كصفقة من سيربحها؟ من سيهزم الآخر بأن يدفع هو الأقل والآخر الكثير والكثير,
وأيضاً الأهل لهم العذر,فهناك الكثير من الشباب تدخل البيوت من أجل التسلية,ولكن هذا يقطع الطريق على من يريد الزواج بحق،فيجعله يقدم خطوة تجاه الزواج ويتراجع خطوات تجاهه.
إرسال التعليق