التقارب المصري الاردني العراقي رؤية جديدة يمكن فيها الاستفادة من أخطاء الماضي

ماذا يعني عقد لقاءات بصفة مستمرة وبشكل متكرر بين البلدان الثلاث مصر والعراق والاردن ؟ ماذا يعني وجود رؤى مشتركة بين قادة وملوك الدول الثلاث ؟ كلها اسئلة يمكن الاجابة عنها ولكن دعونا نلقى نظرة تاريخية على العلاقات بين الدول الثلاث وعلى مشروع الاتحاد العربي فى ثمانينات القرن الماضي .
مع تفتت الدول العربية مع وجود القوى الاستعمارية التى اعتمدت استراتيجية موحدة وهي ” فرق تسد ” نجحت تلك القوى فى خلال القرنين الماضيين فى تقسيم المنطقة العربية ولعل الكثير منكم القراء الاعزاء لديه خلفية عن اتفاقية سايكس بيكو عام ١٩١٦ والتى اتفقت فيها بريطانيا وفرنسا اكبر قوتين استعماريتين فى ذلك الوقت على تقسيم منطقة الهلال الخصيب سوريا ولبنان وفلسطين والاردن والعراق . وعمل الاستعمار حتى بعد انتهاء عصر الاحتلال على تغذية الروح الانفصالية داخل بعض المناطق العربية لخلق مزيد من التفتت على العالم العربي فغذى روح الانفصال لدى السودان لينفصل عن مصر وبعدها غذى روح الانفصال داخل السودان ذاته لينقسم الى جنوب وشمال . النموذج السوداني ما هو الا مثالا عن كل الجهود التى يبذلها الغرب نحو مزيد من التشرذم ومزيد من التفتت داخل العالم العربي .
بدأت القاهرة محاولاتها نحو توحيد الامة العربية وبالتعاون مع بعض الدول المؤسسة كالعراق والاردن واليمن وسوريا اعلن تاسيس الجامعة العربية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فى نهايات عام ١٩٤٥ وبدايات عام ١٩٤٦ ، وكان تهدف الى التمهيد لخلق نوع من التعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والسياسي و العسكري بين الدول العربية ولكن كان ميثاقها يحمل عوامل ضعفها منذ انشائها اذ ينص ميثاق جامعة الدول العربية على ان قراراتها لابد وان تكون بالاجماع وليس وفقا للاغلبية ومن ثم اصبح من الصعب اتخاذ قرارا موحد للدول العربية وفقا لقواعد هذا الميثاق .
ومع وصول الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر الى سدة الحكم سعى نحو تحقيق القومية العربية ووجد مشروعه صدى وقابلية كبيرة لدى العديد من الشعوب العربية وتحمسوا لتلك الفكرة الوليدة وبدأ الحلم يقترب مع قيام الوحدة العربية بين مصر وسوريا ولكن لم يدم الحلم طويلا وسرعان ما انفك الاتحاد لاسباب كثيرة .
ومع دخول الثمانينات بدأت تعود الفكرة من جديد فبدأ ظهور مجلس التعاون الخليجي والذي يضم الدول المطلة على الخليج العربي عدا العراق .
خلال تلك الفترة بدأ ايضا تكوين تحالف عربي اخر كان يضم فى بدايته مصر والعراق والاردن واليمن فيما عرف باسم مجلس الاتحادث العربي ولكن لم تستمر الفكرة الا شهورا لاسباب ذكرناها فى احدى المقالات السابقة على الرغم من هناك دولا اخرى متحمسة للدخول الى هذا التحالف منها فلسطين وليبيا والسودان ثم تلاشت الفكرة واتجهت ليبيا مع دولةالمغرب العربي الى تاسيس اتحاد المغرب العربي . وكان محكوم على كل هذه المحاولات بالفشل لانه لا يوجد هناك تنسيق ولا توجد نوايا حقيقية لخلق وحدة عربية ولكنها تبدو جلية انها مجرد تحالفات نكاية فى بعض التكتلات العربية الاخرى .
من كل ما سبق يمكننا قراءة المشهد من تقارب العلاقات بين الدول الثلاث مصر والاردن والعراق بانه محاولات لتصحيح المسارات الخاطئة التى مرت بها كل محاولات الوحدة والتكامل العربي من خلال التركيز على تحقيق التكامل الاقتصادي والتجاري فى بادئ الأمر وخلق نوع من التبادل الثقافي والمعرفي والشعبي بين شعوب الدول الثلاث ، هى محاولة يمكن البناء عليها والاستفادة من اخطاء الماضي ، وان تكون هناك نوايا حقيقية وليست مجرد تكتل سياسي فى ظل الخريطة السياسية الدولية .

إرسال التعليق

قد يعجبك ايضا