تأملات نقدية في قضايا البيوت المصرية
نستأنف سلسلة مقالاتنا بالتجول حول فلك الأسرة السوية الطامحة للإتزان، وكيف يمكنها أن تحقق إتزانها مع مراعاة التسلسل في بنايات الأسرة وتكوينها من حيث الأفراد،وكنا قد توقفنا بصدد قضية النقاش، وكيف للنقاش مزاياه وعيوبه بحسب استغلاله بشكل سليم أو خطأ على حسب تناول الفرد له،والآن ننتقل لمرحلة أخرى وهي “مواكبة سن المراهقة للأبناء”.
الكثير من الآباء _بحسب ثقافة البلدة أو المدينة التي يعيشون فيها_يتعاملون مع الأبناء في مراحل المراهقة تعاملاً غير صحيح بشكل غير مباشر ولاإرادي غالباً،كيف ذلك؟! سنعلم في غضون ثوانٍ.
الأبناء في مرحلة المراهقة تبدأ تظهر عليهم علامات البلوغ والتي بدورها تقوم بتغييرات فسيولوجية في بنية الجسم وبعض الأعضاء،وهذا بدوره يؤثر على الابن نفسياً قد يجعله خجولا أحياناً وأحياناً أخرى في ذروة جراءته في الذكور أو الإناث،ويأتي الآباء بدورهم والأقلية منهم يتقبل ما هم عليه والأغلب قد لا يدرك ما هم عليه من تغير مفاجئ فيبدأ بأخذ إجراء عكسي معه، فتنقلب الأمور على عقبيها.
بدافع الخوف على الأبناء وخاصة بلوغهم مرحلة البلوغ والمراهقة يتم بناء الكثير من القلاع الحصينة حول الأبناء،والمحاولة قدر المستطاع التوغل في أمور الأبن،والتدخل في أدق التفاصيل لدى الابن مما يدفعه إلي ما نخشاه!”العزلة”
الميل إلي العزلة ومحاولة إنشاء أسرة جديدة لا تشعره بأنه مراقباً أو مستهدفاً، فيلجأ دائماً للكذب والمكر والخداع لإخفاء الحقائق،وهذا شعور طبيعي فكل منا لديه مساحته الشخصية التي لا يمكن لأحد أن يتطلع عليها سواه، ولكن الآباء نظرتهم غير،فكما أن مقام الحديث مع والدي غير صديقي غير أخي غير زميلتي،وهذا أصدق مثالاً يؤيد أن لكل منهم مساحة مسموحاً له بها وأخرى لا،ومع ضرورة العلم أن ميله إلى العزلة يفتح أبواباً نحن في غنى عنها ،كأن يندرج مع أناس لا يعلم صدق نواياهم فيلحقونه بهم إلي أسوء السبل وهذا نتاج أحد أهم العناصر الهامة المهملة بعض الشيئ وهو” عدم الاحتواء”!
الاحتواء معادلة كيميائية عجيبة،لها أثرها المعروف دائماً سيرته بالخير،فليس منا لا يحب ولا يبحث عمن يحتويه وقت ضعفه ووقت حيرته ووقت غضبه ووأوجاعه،وما أن يفتقد ذلك الاحتواء من أهله سيبحث عنه خارجاً،فتبدأ الأمور تخرج عن سيطرة الآباء تدريجياً حتى يشعر بأن ابنه يشاركهم جسداً بلا روح أو مشاركة أسرية
ومن ثم تبدأ صراعات الأجيال تتحدث عن نفسها في صراع لإثبات من على الصواب وهذا هو موضوع حديثنا في المقالة القادمة إن شاء الله،ومن ثم كان لزاماً علينا تقبل الفطرة البشرية ومحاولة التعامل معها بشكل آمن للعبور بالابناء من هذه المرحلة إلى شط الأمان عن طريق سماعهم وعدم اعتراضهم عندما يطرحون أسئلتهم الكثيرة خصوصاً في هذه الفترة،كما أنه من الضروري جداً ترك مساحة كافية لهم ولا مانع من مراقبة أمورهم عن بعد دون شعوره بأنه شخصاً يصنع السيئ وبالتالي تصرفاته مراقبة.
إرسال التعليق