تأملات نقدية في قضايا البيوت المصرية
سنبدأ أعزائي القراء سلسلة مقالات بعنوان (تأملات نقدية في قضايا البيوت المصرية) بهدف مناقشة وتحليل قضايا مجمعنا ونقدها نقداً بناءً،أي سنذكر الحسن فيها ونسلط الضوء عليه لننميه،ونذكر السيء منها ونسلط الضوء عليها للعثور على حلول لها.
قضيتنا الأولى من حيث الترتيب: (الخوف الزائد من قِبل الآباء على الأبناء)
الخوف على الأبناء فطرة في الآباء،كما الحب تماماً،ذلك الحب الذي لا ينتظر منك أن تبادله به أو أن تغدق عليه بالمقابل سواء بالحب أو المشاعر أو الأمور المادية،حب لا يرتبط بمصلحة شخصية،كذلك الخوف ولكن من منطلق المثل الشهير(الشيء إن زاد عن حده انقلب ضده) وكذلك الخوف الزائد ليس شيئاً محموداً بالمرة فهذا يدعونا للتوقف متأملين قليلاً!
الأبناء في مراحل الطفولة دائماً ما يميلون إلى التجربة لمحاولة اكتشاف العالم الخارجي،فيأتي الآباء بدورهم يمنعونهم من الوصول إلى النقاط التي تمثل تهديداً على حياتهم وصحتهم،كالاقتراب من النار مثلاً أو الكهرباء،أو التسلق لمحاولة الرؤية من الشرفة،ولكن ماذا لو خشينا اقترابهم من أمور معنوية نظنها نقاط هلاك وهي ليست في ذلك النطاق بالنسبة للابناء؟!
الآن نحن ندورفي فلك (الجانب النفسي والمعنوي) فخوف الآباء على الأبناء من خوض التجارب الشخصية في الحياة ومحاولة التعلم والاكتساب الخارجي يهدم ولا يبني،فتربية الآباء لأبنائهم سوية جداً قدر المستطاع بالنسبة لهم،ولكن الواقع والمجتمع ليس بهذه الدرجة من السوية والنقاء،ليس بمستوى التربية الراقي جداً والذي اجتهد فيه الآباء مع أبنائهم ،ويأتي سؤالاً يطرح نفسه ،وهل معني حديثي هذا ألا نربي أبناءنا تربية سوية؟
لم أقل ذلك،كما أنني لم أرفض تماماً قضية التربية السوية ولكن أرفض الخوف والمنع من خوض التجارب الخارجية،أقول مثلا (لا تفعل-لا تنظر-لا تقرأ-لا تبحث-لا تصاحب-لاتصنع)
لمجرد المنع دون الإعراب عن سبب المنع،فيأتي الأبناء بدون سابق إنذار وبتلقائية فطرية بمحاولة الخوض في تلك العوالم (اللائية) هذه بحكم الفضول ومحاولة معرفة الأمور المحيطة بهم وما سبب المنع هذا كما قلنا سابقاً،والصواب أن أقول لا تفعل كذا لأنه سيؤدي بك إلى كذا وكذا وإن أمكن أريه بعض النماذج الحية التي توفر عليه مشاق التجارب وتوفر عليه أعماراً سيقضيها في التجربة للتعلم ومن هنا ندرك مدى أهمية فاكهة النقاش بين الآباء والأبناء،والنقاش هو موضوع مقالتنا القادمة في سليلة مقالات تأملات نقدية في قضايا البيوت المصرية.
إرسال التعليق