من الإلزام إلى الإلتزام
غالباً ما يخرج المرء عن دائرة الانضباط والانقياد للقوانين والأوامر التي بها تنضبط الأمور وتسير بشكلها السليم حينها يحتاج المرء لبعض الأمور التي بإمكانها ترويضه وردعه لمصلحته الشخصية أولاً ثم من يحيط به.
بعدما ظهرت”كرونا”بالموجة تلو الأخرى بدأت اللامبالاه من قِبل المواطنين تظهر وتتفشى بشكل غريب!،وكأن هذا الوباء المميت مجرد ومضة أضاءت لثوانٍ وانتهت،وهذا بدوره جعل الجهات المسئولة مشكورة بأخذ إجراء حازم تجاه هذا الاستهتار بفرض غرامة مالية قدرها(خمسون جنيهاً) لكل من لا يرتدي الكمامة،مما دفع الناس إلى التنبه جيداً قبل خروجه من البيت بأن يطمأن على كمامته قبل أن يطمأن أن لديه محفظته وبها ماله في جيبه!،وجعل كل من يقود أي مركبة سواء أن كانت دراجة نارية أو سيارة أو قطار أو حتى يسير على أقدامه أن يرتدي كمامته.
ومن هنا الإلزام دفع الناس إلى الإلتزام بالضوابط والإجراءات الاحترازية للحفاظ على النفس من الإصابة بمرض كورونا المستجد,والسؤال:هل نتبع إجراءات الوقاية خوفاً من الغرامة البخثة الثمن وغير مبالين بأرواحنا والتي لا تُقدر بثمن؟!!أم هل نعلق الكمامات في سياراتنا أو نحتفظ بها في جيوبنا وكأنها تميمة للبرك بها وأنها بذلك ستحفظنا لمجرد حملها،وأننا كذلك راضين تماماً عن أنفسنا؟! الأمر مخيب للأمل في الحقيقة.
أتدرون أن هذا المرض كانه عدسة مُكبرة،عدسة أظهرت مدى الفوضى التي نحن في دوامتها،نعاني منذ سنين من عدم تبدل الأحوال،ونشتكي ظلم الدهر إذ جعل الغرب يتقدم ونحن لا رغم أن لدينا الكثير من المزايا التي تفوقهم والتي لو امتلكوها لتقدموا اكثر مما هم عليه الآن،فلماذا إذا نشكو الدهر والعيب فينا وما الدهر إلا زمان تتواطء فيه الأحداث بتدخل من الإنسان وتصرفه في مجريات الأحداث.أدركت تماماً أن الترهيب له نتائج مثمرة مع مجتمعنا أكثر من الترغيب،لا ننضبط من أنفسنا،نحتاج من يضبطنا ونحن نعلم تماماً ماهو الانضباط وقوانينه،ونفعل ذلك إما لإثارة غضب الآخرين أو لنرضي غرورنا بأننا لا تملكنا قوانين ولا حق لها في أن تحدد لي ما أفعل وما لا أفعل!
ماذا لو انضبطنا في الإجراءات الإحترازية،وفي القوانين المرورية،ومراعاة حقوق الغير من مطلق الآدمية والإنسانية على الأقل؟ القضية ليست صعبة كما نظن،الأمر تراكمي وعادة ليس إلا،فكما اعتدنا الخروج عن الضوابط في كثير من الأمور وأصبح بالنسبة لنا أمراً طبيعياً سنعتاد الانضباط وسنتذوق لذته بتطبيقه مع الوقت سيصبح الأمر شاقاً في بدأ الأمر،بعدها سندرك حقيقة التحضر والتقدم،وأن المجتمعات لا تتقدم إلا بتحضر أبنائها وأن التحضر في أبسط وأدق التفاصيل التي يتحاور بيها المجتمع مع بعضه البعض
إرسال التعليق