خطوات نحو الإدمان

في عرفنا العام الإدمان كلمة تأتي في سياقات العادات والصفات السيئة التي يعتاد الإنسان على فعلها بشكلٍ متكرر ولا يمكنه التخلي عن هذه العادات إلا بصعوبة بالغة،أي أن كانت هذه العادات سواء أن كانت معنوية أو مادية،فنقول مثلاً فلان قد أدمن الكذب فهذا معنوياً،التدخين،شرب المسكرات،المخدرات كل أولائك مادياً،أي عادة سيئة يزاولها الإنسان ويظل يفعلها بشكل متواصل حتى تصبح عادة أساسية كالتنفس والشرب مثلا هذا هو الإدمان،لا يمكنه الاستغناء عن الشيء الذي قد أدمنه،ولكن هل الإدمان يكون في الأشياء السيئة فقط كما نحصرها نحن في سياقاتنا ومقاماتنا وفي عُرفنا بشكلٍ عام؟! بالتأكيد لا.

في مقالتنا هذه سأدلكم على الخطوات السليمة للإدمان،نعم لا تتعجب،فالإدمان يكون سلبياً وأيضاً يكون إيجابياً،والإدمان الذي نحن بصدده في موضوعنا هو إدمان ” القراءة والثقافة” وكيف لهذا الإدمان لذته الخاصة وقتما توظف ما قرأته وتعلمته في حياتك وفي أي حديث تخوضه فتضع بصمتك الشخصية فيه،أو أن تشكل نظرتك النقدية البناءة تجاه قضية ما قد واجهتك أو تواجه غيرك وقد احتاج لعونك ورأيك فيها،وقد يسأل أحدكم كيف للقراءة أو الثقافة أن تعينني على بناء قرار سليم في حياتي إذ أنه ليس بالضرورة أن تتوافر فيما أقرأه المعلومات التي تمس قضيتي بشيئ وأقول..

نعم ليس بالضرورة أن تجد ما يعرقل حياتك من قضايا ومواقف تحتاج لقرارات سليمة لمواجهتها مكاناً في القراءة ولكن القراءة دورها أكبر وأوسع بكثير من ذلك النظرة الجزئية لها!،فالقراءة تنير العقل بشكل كامل،أي أنها تزيد من وعيه وتنمي مداركه وتجعله يوازن بين الأمور والخروج منها بأفضل النتائج تاركاً أي خسائر خلفه،تجعل القارىء ذات رؤية وبصيرة،تجعله متزناً له شخصيته المستقلة المنقبة دائماً عن الحقائق وليست شخصية يمكن قيادتها بأي قولٍ أو قرار أو أي شيئ،تنمي بدورها مهارات القيادة لديك إذ بقراءتك تستطيع تولي زمام الحوار في أي مجلس مما يلفت انتباه الآخرين إليك ويتركون لك المجال كاملاً للإبداع بما لديك من حديث وآراء صائبة.تأكد أنه كلما قرأت ازداد وعيك وتجتمع كل العلوم التي قرأت فيها سوياً ليصنعوا شيئاً جديداً أنت رائده,فهكذا كانوا يصنعون قديماً في التأليف والابتكار في العلوم المجالات المختلفة،القراءة من هنا وهناك ثم المقارنة ثم تحليل يوصلنا لنتائج جديدة.

كيف ندمن القراءة والثقافة إذاً؟، عليك أولاً بأن تقرأ لذاتك وألا تشغل نفسك بكم الكتب التي تقرأ،فتقول مثلا أريد أن أقرأ خمسون كتاباً،لا هذا غير صحيح بل اقرأ كتاباً واحداً ولكن بتمعنٍ شديد ومن ثم تطبق ما فيه وتعي ما فيه،وأقرأ الروايات إن كنت ممن لا يحبون القراءة فالروايات ستثير انتباهك وفضولك فتجعلك منكباً عليها حتى تنهي الأحداث وهذا بدوره ييجعلك تعتاد على القراءة بشكل مستمر دون ملل،وهناك روايات جيدة بها دروس مستفادة وما يتعلق بالتنمية البشرية وأذكر أحد الكتاب مثلاً (باولو كويلو)(أحمد خالد توفيق)ومثلهما من الكُتاب يؤثرون فيك وليس بعيداً أن تتأثر أنت بتقوم بالكتابة والتأليف.

البرامج الوثائقية العلمية هي ثاني أهم عوامل انتشار الثقافة والمعرفة في العالم،وأذكرالقناوات التي تُبث فيها هذه البرامج مثل قناة (ناشيونال جيوجرافيك – كويست عربية ) وغيرها من القناوات المشابهة،تبث البرامج التي تتعلق بعلوم الفيزياء والكيمياء والفلك والطبيعة ( إنسان أو حيوان أو نبات) كما أنها تتحدث عن علوم العقل وظواهر الطبيعة بقوانين الفيزياء،كما أنها تبث أفلام وثائقية لتبين للعالم تصورات العلماء تجاه المستقبل وتقوم برسم أفكارهم وخططهم على شكل مسلسلاً أو فيلماً تصويرياً فيصل بذلك أفكارهم للناس بشكل أسهل وأكثر وضوحاً.

القراءة والثقافة حقيقة من أهم الأسس التي بها تنهض الأمم،إذ بها تقل الأمية ومن ثم تقل نسب الهوجاء والتطرف في المعاملة والقرارات الشخصية التي تمس الفرد بذاته أو من حوله،الأمم المتقدمة تخصص نصيباً أكبر لصالح التعليم والثقافة ونحن بفضل الله قد سلكنا نفس الطريق منذ سنوات وبالفعل نسب الأمية في انخفاض مستمر،وقد ساعد على ذلك التكنولوجيا لا شك في ذلك ثم البرامج والحملات التوعوية،إذاً فالقراءة في غاية الأهمية لا تتنازل عنها وأن تكون جزءاً من أنشطة حياتك اليومية،ولا تخجل عندما تقرأ،بل اخجل عندما لا تعلم.

إرسال التعليق

قد يعجبك ايضا