ما بين الماضي والحاضر
عنوان مقالتنا يتيح لنا الفرص الكاملة للحديث عن الماضي والحاضر على مستوى الأمم والمجتمعات وتأثرهم بهما،ولكن موضوعي وما أريد التوقف إزائه هو (الماضي والحاضر لدى الآباء وتأثيره على الآباء)،وهل هذا له تأثير على المستوى العلمي لأبنائهم،وهل له تأثير على المستوى الشخصي والنفسي بالنسبة للأبناء؟،وما موقف الآباء تجاه أبنائهم من حيث قضية إبداء الرأي ومحاولة إثبات النفس من قِبل الأبناء؟،وماذا عن غريزة الأبوة والتي تنص على أن الآباء أو الأمهات هم وحدهم من لديهم العلم الكافي لكل شيئ وفي كل شيئ وأن الأبناء مهما تعلموا وعرفوا ونضجوا وكبروا لا يزالون لا يفقهون ولا يعلمون شيئاً؟! كل هذه التساؤلات بمثابة أعمدة رئيسية أساسية ستُبنى عليها مقالتنا اليوم.
الآباء قد تربوا على بعض العادات والتقاليد والثقافات التابعة لمحل مولدهم وإقامتهم سواء أن كان في مدينة أو قرية ما،بل وقد تربوا على عادات آبائهم وآباء آبائهم، ويترتب على ذلك رغبة الآباء بصنع ذلك مع الأبناء ظناً منهم بأن ما تربوا عليه هو الصواب لا محال! ضاربين باختلاف الأزمان والأعمار وطبيعة الأبناء عرض الحائط!، ولا أنكر خبرة الآباء نتيجة تجارب حياتية لهم وأنهم على دراية ولكن يجب مراعاة بعض المعايير الدقيقة الخاصة بالزمن والشخص المتلقي.
يأتي سؤالنا وهو: هل تعصب الآباء لآرائهم وطباعهم ووجهات نظرهم له تأثير على أبنائهم على المستوى العلمي؟ وهل له تأثير عليهم على المستوى الشخصي والنفسي؟ بالطبع نعم،فهذا ينعكس على الابن بانعدام ثقته بنفسه وأنه غير مؤهل للمسؤولية بعد، مهما تقدم بالسن!،كما أن ذلك يؤثر على صفاء ذهنه حيث أن قراراتهم وأفعالهم تجعل الابن يفكر كثيراً هل أنا بالفعل على خطأ كما يزعمون؟ أم أنا على صواب بناء على ما يُمليه عليّ عقلي ورأيي وقلبي؟ فتبدأ هذه الأفكار بأخذ حيز كبير من تركيزه وتفكيره ومن ثم الإخفاق في بعض واجباته التي ترفض تماماً من يُزاحمها في عرين العقل!،وذلك الإخفاق سيترتب عليه مزيداً من الإخفاق والتخاذل.وإن أصعب شيئ وأسهل شيئ يمكنك التلاعب فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة هو”العقل الباطن”وهذا هو المحرك الخفي هوالمحرك الأعظم والرئيسي للإنسان تجاه النجاح أو الفشل بلا شك،فانظروا مثلاً إلى محاضرات التنمية البشرية وبناء الذات ومدى أثر الكلمات على النفس،كل ذلك مهام عمل على العقل الباطن ليس إلا, فاحذروا هذا العامل جيداً في المعاملة.
عندما يتأمل أحد الآباء الأفلام القديمة مثلاً أو أخذ يسترجع بعض ذكرياته من خلال مشاهدته لبعض الصور القديمة يقول: “ياااا رباه!!.. يا له من زمن! ويا له من عالمٍ آخر غير الذي نعيشه الآن!،الدنيا قد أصابها الكثير من التغيرات” ها هو قد أقر بالتغيرات التي أصابت المجتمعات ولكنه رافضاً بأن يواكب مع أبنائه العصر فهل هذا سببه عدم ثقته بالعصر الحاضر أصلاً؟
أيها الآباء الكرام,سنصور الزمن أو العصر الحديث بنهر،وأن الآباء والأبناء في ذورق،ويريدون عبور الجانب الآخر بسلام،فعليهم أن يواكبوا العصر بروية مع أبنائهم كي يصلوا بهم إلى الهدف المنشود دون خسائر،ويجب أن نسمع لهم فقد يكون رأيهم صائباً وقد ينظرون للمسألة من زاوية لا تكون منتبهاً لها أنت،أو قد يضيف لك رأياً أو حكمة أو معلومة لا تعلمها أنت،فجميعنا يتعلم من صغيرٍ أو كبير،فلا حرج في ذلك،ولكن الحرج في أن تُكابر وتُصِر على رأيك فتندم لاحقاً حينها ستجد أنه قد فات الأوان.
إرسال التعليق