أب وأولاده ينامون على “صالون قديم” في الشارع: أمهم طفشت فقلت لهم ماتت
أسرة مشردة مكونة من أب و3 أبناء (ولدان وبنت) أعمارهم تتراوح بين 10 و13 عاماً، يعيشون في الشارع على صالون قديم متهالك، وكل فرد منهم له كرسي خاص به، أما الكنبة فيقتسمونها بالتساوي، كل 3 ساعات ينام أحدهم فوقها حتى يريح جسده وقدميه، كما يتشاركون بطانية واحدة يحتمون بها من برد الشتاء، ووجبة طعام واحدة يقتسمونها “لقيمات”.
داخل حارة عبدالسميع بشاع محمد وهبة، بمنطقة الساحل في شبرا مصر، يتخذ أحمد عبدالفتاح 55 عاماً وأبناؤه الثلاثة من أحد الأرصفة مسكناً لهم، وعلى الرغم من أن الأب غير قادر على توفير مأوى ملائم وبيئة صحية لأطفاله، فإنه يغمرهم بالحب والإحتواء محاولاً توفير الأمان لهم كما لم يقدمهم أب من قبل، فيجلس بجانبهم يومياً ويطعمهم ويسهر على راحتهم، ثم يأخذ هو حصته من النوم بعد استيقاظ أبنائه قرب الثامنة صباحاً: “هما دول اللى طلعت بيهم من الدنيا، بنام بعين واحدة والعين التانية مفتوحة عشان أخد بالي منهم لو احتاجوا حاجة، ورغم فقري والجوع اللي ولادي فيه، لكن أنا بعوضهم بحبي وعلمتهم يحبوا بعض”.
انقلبت حياة أسرة “أحمد” رأساً على عقب بعد وباء كورونا، كان يعمل في المقاهي الشعبية، وبعد فيروس كورونا تعرض للفصل من عمله أكثر من مرة: “كنت قاعد في بدروم إيجار بـ700 جنيه في الشهر، ولما كنت شغال عامل مرتبي مع البقشيش كان بيمشي الدنيا معايا كويس، وبعدين مشوني من الشغل ومبقاش معايا أصرف على بيتي، وولاد الحلال جابوا لي شقة أنا وولادي ومراتي نقعد فيها كانت قديمة قوي لكن بتقضي الغرض وقبل ما نكمل فيها شهر السقف وقع علينا ومشينا، ومن ساعتها وإحنا في الشارع لأكتر من 5 شهور”.
يحكي “أحمد”، أنه بسبب الظروف المادية الصعبة التي عاشها بعد فصله من عمله، تخلت عنه زوجته كما تخلت عن أبنائها بسبب عدم قدرتها على تحمل هذه الظروف المأساوية التي مرت بها الأسرة.
“كدبت على ولادي التلاتة وقلت لهم أمكم ماتت، عشان محدش يكرها، وخدت الصدمة في قلبي وسكت”، قالها “أحمد”، مؤكداً أنه كان يبكي ويداري دموعه عن أولاده: “أنا خايف على ولادي، وهى ولا حاسة بيهم أبداً، ولا ببنتها أمنية اللي عندها 13 سنة وكبرت بقت عروسة، ولا بالولدين يوسف ومصطفى الصغيرين اللي محتاجين رعاية، بس أنا هفضل مع ولادي لآخر نفس، وربنا يقدرني وأقدر أوفر لهم عيشة كويسة”.
في النهار تظل هذه الأسرة البسيطة جالسة على الصالون، في انتظار من يعطف عليهم بطعامٍ: “أنا والولدين بنفضل صاحين وعينيا على البنت بنخاف لتتخطف ولا حد يتحرش بيها، وعلمت ولادي أنهم يحافظوا على أختهم أمنية لأنها كبرت”.
بسبب النكبة التي تمر بها الأسرة، اضطر الأبناء الثلاثة إلى ترك تعليمهم، بسبب عدم قدرتهم على توفير نفقات الدراسة من زي وأدوات مدرسية: “نفسي ولادي يرجعوا يكملوا تعليمهم من تاني ونلاقي شقة تأوينا ووظيفة أصرف منها بالحلال ومش عايز حاجة تاني من الدنيا غير أن أشوفهم كويسيين أما أمهم فربنا يسامحها”.
ويتلقى “أحمد”، وأبناؤه مساعدات كثير من جيرانه، منهم محمود حسني أحد السكان، الذي يقدم لها كافة أوجه الرعاية من أغطية فى الشتاء ووجبات على مدار اليوم.
إرسال التعليق