زواج الفتاة المصرية الرشيقة لم يكن عن طريق الخاطبة فقط وانما كان ايضا عن طريق موردة مياه نهر النيل الخالد
بقلم : محمود احمد فضل
لعب النيل دورا هاما في حياة المصريين منذ القدم وخاصة في عادات وتقاليد الزواج عند المصريين ، وارتبطت العروس المصرية بالنيل وعملوا لعروس النيل الاسطورية عيدا اطلق عليه اسم ( وفاء النيل ) ، وعلي امتداد طول نهر النيل من اسوان الي الاسكندرية توجد طرق موصلة الي نهر النيل يطلق علي كل طريق اسم ( موردة ) ، وفي الموردة كان يتجمع الشباب الراغبون في الزواج لمشاهدة الفتيات الرشيقات وهن يحملن جرارهن علي رؤسهن فوق حواية او هواية وهي قطعة قماش تجدل علي شكل كعكة وتوضع علي الرأس وفوقها الجرار ، ويطلق علي هذا الجرار الفخاري عدة اسماء مثل : بلاص او زلعة او مطر بفتح حرف الميم وضم حرف الطاء ، ورشاقة الفتاة المصرية كانت تجعلها تحمل جرارها علي رأسها دون ان تمتد يدها لاسناد هذا الجرار ، والفتاة بجرارها تحفظ توازنها ايضا عند طلوع سلالم موردة المياه ويكثر اعداد هذه السلالم عندما تكون مياه نهر النيل منخفضة ، ورشاقة الفتيات تجذب الشباب وتشجعهم علي ارسال امهاتهم الي اسر هذه الفتيات لاختيار شريكة الحياة ، ولهذا السبب كانت الفتيات يجلبن المياه من النيل علي الرغم من وجود طلمبات المياه اليدوية المنتشرة في معظم منازل القري ، وقد الهمت رشاقة الفتاة المصرية وهي تحمل الجرار علي رأسها كثير من الفنانين المستشرقين الاجانب والفنانين المصريين حتي ان الفنان المصري محمود مختار نحت تماثيل رائعة للفتاة المصرية الرشيقة وهي تحمل جرارها ، وهذه الرشاقة في حمل الجرار لا يقتصر علي الفتيات قبل سن الزواج وانما تقوم بها ايضا السيدة الحامل التي توضع جنينها في سهولة بعد ساعات قليلة من حمل جرارها ، وكان من عادات وتقاليد اهل اسوان ان تذهب العروس بموكب من النساء في ليلة الدخلة الي نهر النيل وتحمل معها كوب من الماء ، ويذهب العريس في نفس هذه اللحظة ايضا الي نهر النيل بموكب من الرجال ويحمل معه ايضا كوب من الماء ، ويتقابل الموكبان وجها لوجه علي شاطئ النيل ، وان من يبادر برش الماء اولا علي الاخر من العروسين يعتبر هو الفائز وسيد عش الزوجية يحدت ذلك وسط انطلاق الزغاريد من حناجر النساء ، وانطلاق الرصاص من بنادق الرجال في فرجة شعبية تضفي جوا من المرح والبهجة والسرور ، وقد رصد هذه الظاهرة اي عادة رش الماء بين العروسين في قرية بنبان بمحافظة اسوان عالم الفولكلور الالماني ( الكسندر هانز فينكلر ) في ثلاثينيات القرن الماضي وسجل ذلك في كتابه القيم ( الفولكلور المصري ) ، ولكن الكسندر هانز فينكلر لاحظ ان العروسين يرش كل منهما الاخر باللبن ، وبعد ذلك تم الاستبدال بالماء حتي لا تتسخ ملابس العروسين ، حقا ان النيل كان يلعب دورا هاما في حياة المصريين وخاصة في عادات وتقاليد الزواج
إرسال التعليق